للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن سلام، وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مُرْهُ فليرفع يده، فرفعها، فإذا تحتها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجما، قال عبد الله بن عمر: كنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه (١).

هل يُجلدُ قبل الرَّجمُ؟

بعد الاتفاق على وجوب الرجم للزاني المحصن، اختلف العلماء في حكم الجمع بين الجلد والرجم على ثلاثة أقوال (٢):

الأول: يُجلد قبل الرجم، وهو رواية عن أحمد وبه قال الظاهرية لما يأتي:

١ - حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه

وسلم - قال: «... والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» (٣).

٢ - قضاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في شراحة الهمدانية فإنه: «جلدها يوم الخميس مائة جلدة، ورجمها يوم الجمعة ...» وقال: «جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».

قالوا: فتوارد على الجمع بين الجلد والرجم قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقضاءُ عليٍّ فوجب العمل بذلك.

الثاني: يُرجم فقط، ولا جلد عليه: وهو مذهب الجمهور: أبي حنيفة ومالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد، واستدلوا بما يلي:

١ - أن الذين رجمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كماعز والغامدية واليهوديين، لم يأت في رواية أنه جلد واحدًا منهم، وإقامة الحد أمر يشتهر بين الناس، فلو كان شيء من ذلك لنقل إلينا كما نقل الرجم ولو في رواية واحد منهم، فإن هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم يكن شيء من ذلك علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع لأحد بين الجلد والرجم، فلا يجمع بينهما إذًا.

واعتبروا حديث عبادة منسوخًا، قال الشافعي - رحمه الله -: «فدلَّت السنة على أن الجلد ثابت على البكر، وساقط على الثيب، والدليل على أن قصة ماعز


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٤١)، ومسلم (١٦٩٩).
(٢) «فتح القدير» (٥/ ٢٥)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٤٢٦)، و «المغني» (١٠/ ١٢٤ - الشرح)، و «فتح الباري» (١٢/ ١١٩ - ١٥٧)، و «الحدود والتعزيزات» (ص١٢٩ وما بعدها).
(٣) صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٧/ ٣٢٦) وغيره وقد تقدم في «اعتبار قرينة الحمل في البينة».

<<  <  ج: ص:  >  >>