للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متراخية عن حديث عبادة أن حديث عبادة ناسخ لما شرع أولًا من حبس الزاني في البيوت، فنسخ الحبس بالجلد، وزيد الثيب الرجم، وذلك صريح في حديث عبادة،

ثم نسخ الجلد في حق الثيب، وذلك مأخوذ من الاقتصار في قصة ماعز على الرجم، وذلك في قصة الغامدية والجهنية واليهوديين، لم يذكر الجلد مع الرجم ...» اهـ.

٢ - حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «... واغْدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» فغدا عليها فاعترفت فرجمها، وقد قال قبل ذلك: «والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله» (١).

فدلَّ الربط بين الشرط وجزائه على أن الجزاء اعترافها هو الرجم وحده، وأن ذلك قضاء بكتاب الله، وهو متأخر عن حديث عبادة بلا شك، فكان ناسخًا له.

٣ - أن هذا مؤيَّد بقضاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقد: «رجم رجلًا في الزنى ولم يجلده» (٢). وهو - رضي الله عنه - قد شهد التنزيل وأدرك قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذين رُجموا.

٤ - أن الحدَّ الأصغر ينطوي في الحدِّ الأكبر، وذلك إنما وضع للزجر، فلا تأثير للزجر بالضرب مع الرجم.

الثالث: يُجمع بين الجلد والرَّجم في رجم الشيخ والشيخة دون الشباب: وبه قال أُبيُّ بن كعب ومسروق، واستدلاَّ بالآية المنسوخ تلاوتها «والشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة» فقد ورد بلفظ الشيخ، ففهم هؤلاء من تخصيص الشيخ بذلك أن الشاب أعذر منه في الجملة.

قلت: الأظهر قول الجمهور بأن الزاني المحصن يُرجم حتى الموت، ولا يُجلد، لما تقدم من أدلة هذا المذهب، ويتأيد هذا - كذلك - بأمرين (٣).

١ - أن جميع الروايات المذكورة المقتضية لنسخ الجمع بين الجلد والرَّجم، على أدنى الاحتمالات لا تقل عن شبهة، والحدود تُدرأ بالشبهات، فيُدرأ حدُّ الجلد هنا لذلك.


(١) صحيح: تقدم مرارًا.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ونحوه في البيهقي (٨/ ٢١٥) مطولًا وفيه أنه رجم امرأة.
(٣) «أفادهما مع غيرهما العلامة الشنقيطي - رحمه الله - في أضواء البيان» (٦/ ٤٧ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>