للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١ - أنه لم يرد في الشرع للواط عقوبة مقدَّرة (!!) فصار فيه التعزيز، ليكف ضرره عن الناس فقط بما لا يستباح به دمه.

وتُعقِّب: بأنه قد ثبت في السنة حدٌّ معين للِواط وهو القتل - كما سيأتي - وقد ذكر شيخ الإسلام وغيره إجماع الصحابة على قتل فاعله، وإنما اختلفوا في كيفية قتله على ما يأتي، ولذا قال ابن قدامة - رحمه الله -: «وقول من أسقط الحد عنه (أي: عن اللوطي) يخالف النصَّ والإجماع» اهـ.

٢ - أن التلوُّط: وطء محل لا تشتهيه الطباع، والمعصية إذا كان الوازع عنها طبيعيًّا اكتفى بالوازع عن الحد، كما في وطء الأتان والميتة والبهيمة (!!) ونحو ذلك.

وتعقب: بأن هذا قياس في مقابلة النصّ وإجماع الصحابة فهو فاسد الاعتبار، ثم هو منقوص بوطء الأم والأخت والبنت، فإن النفرة الطبيعية حاصلة مع أن الحد فيه أغلظ الحدود كما تقدم، ثم كيف يقاس وطء الأمرد الجميل - الذي فتنته تربوا على كل فتنة - على وطء أتان أو امرأة ميتة، فهذا عن أفسد القياس.

فائدة: هذا، على أن أصحاب أبي حنيفة صرحوا أنه إذا أكثر منه اللوطي فللإمام أن يقتله تعزيرًا (!!).

الاتجاه الثاني: أن عليه الحدَّ: وعليه جمهور العلماء، ولكنهم اختلفوا في نوعية الحد، وصفة تطبيقه على قولين:

القول الأول: يُحدُّ حدَّ الزنا فيفرق بين المحصن وغيره: وهو مذهب الشافعي، وأحمد في رواية، وصاحبا أبي حنيفة والثوري والأوزاعي، وبه قال ابن المسيب وعطاء والحسن وقتادة والنخعي واحتجوا بما يلي:

١ - ما يُروى عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى الرجلُ الرجلَ فهما زانيان» (١) لكنه ضعيف لا يُحتج به.

٢ - قياس اللواط على الزنا بجامع أن كلًّا منهما إيلاج فرج محرَّم في فرج محرم شرعًا، مشتهى طبعًا، فيكون حكمه حكم حد الزنا.

وتعقِّب: بأن القياس لا يكون في الحدود - على الأصحِّ - لأن الحدود تدرأ

بالشبهة، وعلى فرض جواز القياس فيها - كما يقول الأكثرون!! - فيُجاب (٢) بأن


(١) ضعيف: أخرجه البيهقي (٨/ ٢٣٢)، وانظر «الإرواء» (٢٣٤٩).
(٢) «نيل الأوطار» للشوكاني (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>