للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأدلة الواردة بقتل الفاعل والمفعول به مطلقًا مُخصِّصة لعموم أدلة الزنا الفارقة بين البكر والثيب على فرض شمولها للوطي ومبطلة للقياس المذكور على فرض عدم الشمول؛ لأنه يصير فاسد الاعتبار كما تقرر في الأصول.

القول الثاني: يُقتل حدًّا على كل حال محصنًا كان أو غير محصن: وهو مذهب مالك وإسحاق وأحمد - في أصحِّ الروايتين - والشافعي - في أحد قوليه - وصاحبا أبي حنيفة، وبه قال أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعبد الله بن الزبير وابن عباس وطائفة من السلف، وحجتهم:

١ - حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وجدتموه يعمل عمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (١) وليس فيه تفصيل لمن أحصن أو لم يحصن فدلَّ بعمومه على قتله مطلقًا.

٢ - أنه إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، فإنهم أجمعوا على قتله، وإنما اختلفوا في صفته.

٣ - مطابقة هذا القول لقاعدة الشريعة المُطَّردة من تغليظ العقوبات كلما تغلظت المحرمات، ووطء من لا يباح بحال أعظم حُرمًا من وطء من يباح في بعض الأحوال، فيكون حدُّه أغلظ.

كيفية قتل اللوطي:

والذي يترجح أن اللوطى يُقتل على كل حال سواء كان محصنًا أو غير محصن، والمُختار أن يُقتل بالرجم كما رآه الجمهور، وذلك لما يأتي:

١ - أن الله تعالى سمَّى اللواط فاحشة فقال تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} (٢). وسمَّى سبحانه الزنا فاحشة فقال عز وجل: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا} (٣).

فيكون الحدُّ في اللواط كالزنا بجامع ما بينهما من الوصف المشترك، غير أنه في اللواط: القتل رجمًا في جميع الأحوال بالنص.


(١) حسن: أخرجه الترمذي (١٤٥٦)، وأبو داود (٤٤٦٢)، وابن ماجة (١٥٦١)، وأحمد (١/ ٣٠٠) وغيرهم، وصححه الألباني في «الإرواء» (٢٣٥٠).
(٢) سورة العنكبوت: ٢٨.
(٣) سورة الإسراء: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>