للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - أن الله تعالى عاقب قوم لوط بالرجم قال سبحانه {وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود} (١).

وهذا قول عمر وعلي وابن عباس وجماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وهناك ثلاثة آراء أخرى للصحابة - رضي الله عنهم - في كيفية قتل اللوطي، وهي:

(أ) الرمي من أعلى بناء في البلد ثم إتباعه بالحجارة: وهو مروي عن ابن عباس وأبي بكر - رضي الله عنهما -، والظاهر لي أن مستنده التشبيه بما فُعل بقوم لوط، قال تعالى: {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود} (٢).

(ب) أن يُلقى عليه حائط: وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم.

(جـ) إحراق اللوطى بالنار: وهو قول أبي بكر وعليٍّ وابن الزبير - رضي الله عنهم.

قلت: والمُختار أن يُقتل رجمًا كما تقدم، على أن هذه الكيفيات جميعًا يشملها عموم الأمر بالقتل، وقد فعلها الصحابة - رضي الله عنهم، «وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارب هذه الرذيلة الذميمة بأن يُعاقب عقوبة بصير بها عبرة للمعتبرين، ويُعذَّب تعذيبًا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى فاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلي من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابهًا لعقوبتهم، وقد خسف الله تعالى بهم، واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيِّبهم» اهـ (٣). والله أعلم.

فائدة: إنما يُقتل الفاعل والمفعول به إذا كانا بالغين، فإن أحدهما غير بالغ عُوقب بما دون القتل (٤).

عقوبة من وطئ البهيمة (٥):

اختلف أهل العلم في عقوبة من وطئ بهيمة، على ثلاثة أقوال:

الأول: يُقتل كما يُقتل اللُّوطي (يُقتل بكل حال): وقول للشافعي - وعلَّق

القول على صحة الحديث فيه - ورواية عن أحمد، وإليه جنح ابن القيم، لحديث


(١) سورة هود: ٨٢.
(٢) سورة هود: ٨٢.
(٣) «نيل الأوطار» (٧).
(٤) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٣٤).
(٥) «المحلى» (١١/ ٣٨٦)، و «المغني» (٩/ ٥٩ - الفكر)، و «سبل السلام» (٤/ ١٢٨٥)، و «نيل الأوطار» (٧/ ١٤١)، و «الداء والدواء» (٢٠٩)، و «الحدود والتعزيرات» (١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>