للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى بهيمة فاقتلوه، واقتلوها معه» (١) قالوا: ولأنه وطء لا يُباح بحال، فكان فيه القتل كحد اللوطى.

الثاني: حدُّه حدُّ الزنا، فيفرق بين المحصن وغيره، وهو قول الحسن البصري، ودليله القياس على الزنا بجامع أن كلًا منهما وطء في فرج محرم ليس له فيه شبهة، وقد تقدم ما فيه من نظر، في حد اللواط.

الثالث: يُعزَّر فقط، ولا حدَّ عليه، وهو مذهب الجمهور منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي - في أحد أقواله - وأحمد في إحدى الروايتين، وإسحاق والشعبي والنخعي، ودليلهم أن الحديث في قتله ضعيف - عندهم - والعقوبات المقدرة لابد فيها من دليل مثبت ولا دليل هنا ثابت، فلا حدَّ إذًا.

قلت: مدار الحكم هنا على ثبوت حديث ابن عباس المتقدم كما قال الشافعي - رحمه الله - فمن صححه لزمه القول الأول، وإلا فالثالث، وقد صحَّح الحديث: الذهبي، والشوكاني، والألباني، ومال إلى صحته البيهقي، وسكت عنه الحافظ في «التلخيص» فهو حسن عنده. وضعَّفه أحمد وأبو داود والطحاوي، وغيرهم (٢).

تساحُق النساء (٣):

السحاق: مساحقة المرأتين، أي تدالكهما، واستمتاع كل واحدة منهما بالأخرى، وهو حرام بالاتفاق، لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يُفضى الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» (٤).

وقد اختُلف في عقوبته، فذهب مالك - رحمه الله - إلى أنه يجب الحدُّ - مائة جلدة - على كل من المرأتين، واحتج بما يُروى مرفوعًا: «إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان» (٥) لكنه حديث ضعيف، ولذا ذهب الجمهور إلى أن السحاق لا حدَّ فيه، وإنما تعزَّر المرأة بفعله، لأنه مباشرة بلا إيلاج فلا حد فيه، كما لو باشر الرجل المرأة دون إيلاج في الفرج، وهو الصحيح والله أعلم.


(١) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (٤٤٦٤)، والترمذي (١٤٥٥)، وابن ماجة (٢٥٦٤)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٥٩٣٨).
(٢) «سنن البيهقي» (٨/ ٢٣٣)، و «التلخيص» للذهبي (٤/ ٣٥٥ - مع المستدرك) و «التلخيص الحبير» (٤/ ٥٥)، و «نيل الأوطار» (٧)، و «صحيح الجامع» (٥٩٣٨)، و «الداء والدواء» (ص: ٢٠٨ - ط. التوفيقية).
(٣) «المغني» (٩/ ٥٨ - الفكر)، و «المحلي» (١١/ ٣٩٢).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٣٣٨)، والترمذي (٢٧٩٣)، وأبو داود (٤٠١٨).
(٥) ضعيف: أخرجه البيهقي (٨/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>