للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مسلمًا، وقالوا: لا حدَّ على من قذف كافرًا، واستدلوا بقوله تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ...} (١).

وبما يُروى عن ابن عمر مرفوعًا «من أشرك بالله فليس بمحصن» (٢).

بينما ذهب ابن حزم - رحمه الله - إلى وجول الحد على من قذف محصنة من أهل الكتاب إذا كانت عفيفة.

٣، ٤ - العقل والبلوغ:

اختلف العلماء فيمن قذف صغيرًا أو مجنونًا (٣)، فقال الجمهور: لا يجب عليه الحد، لأن ما رمى به الصغير والمجنون لو تحقق لم يجب به الحد، فلم يجب الحدُّ على القاذف، كما لو قذف عاقلًا بما دون الوطء.

وقال مالك بجلد من قذف المجنون دون الصغير، لكنه قال في الصبيَّة التي يجامع مثلها: يحدُّ قاذفها، خصوصًا إذا كانت مراهقة، فإن الحدَّ بعلة إلحاق العار، ومثلها يلحقه.

وأما ابن حزم فأوجب الحد على قاذف المجنون والصغير مطلقًا، وناقش الجمهور بما ملخصه: أن القاذف لا يخلو من ثلاثة: إما أن يكون صادقًا صحَّ صدقه فلا خلاف أنه لا حدَّ عليه، وإما أن يكون ممكنًا صدقه وممكنًا كذبه فيحدُّ بلا خلاف لإمكان كذبه فقط، ولو صح صدقه فلا حدَّ عليه، وإما أن يكون كاذبًا

صحَّ كذبه [وأنتم تقولون أن من قذف المجنون أو الصغير قد تيقن كذبه] فالآن حقًّا طابت النفس بوجوب الحد عليه بيقين.

٥ - الحرية:

اختلف العلماء فيمن قذف عبدًا أو أمة، هل يحدُّ أو لا؟ على قولين:

فقال جماهير أهل العلم (منهم: النخعي والشعبي وعطاء والحسن والزهري والأوزاعي والثوري، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد)، لا حدَّ عليه، واحتجوا بما يلي:


(١) سورة النور: ٢٣.
(٢) أخرجه الدارقطني (٣/ ١٤٧) وصوَّب وقفه.
(٣) «ابن عابدين» (٣/ ١٥٦)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٢٦)، و «المغني» (٨/ ٢٢١)، و «المحلي» (١١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>