للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قذف مملوكه بالزنا يُقام عليه الحدُّ يوم القيامة إلا أن يكون كما قال» (١).

قالوا: «لو وجب على السيد أن يُجلد في قذف عبده في الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة، وإنما خصَّ ذلك بالآخرة تمييزًا للأحرار من المملوكين، فأما في الآخرة فإن ملكهم يزول عنهم ويتكافئون في الحدود، ويقتص لكل منهم إلا أن يعفو، ولا مفاضلة حينئذٍ إلا بالتقوى» اهـ (٢).

٢ - ادِّعاء الإجماع على أن الحرَّ إذا قذف عبدًا لم يجب عليه الحد (!!) وفيه نظر فإنه منقوض بما صح عن نافع قال: «سئل ابن عمر عمن قذف أم ولد لآخر،

فقال: يُضرب الحدُّ صاغرًا» (٣) وبه قال الحسن البصري وأهل الظاهر (٤).

٣ - أن العبد - وكذا الأمة - لا حرمة له (!!) قال ابن حزم: قولهم لا حرمة للعبد ولا للأمة فكلام سخيف، والمؤمن له حرمة عظيمة، ورب عبد جلف خير من خليفة قريش عند الله تعالى، قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم} (٥). والناس كلهم أولاد آدم لا تفاضل بينهم إلا بأخلاقهم وأديانهم، لا بأعراقهم ولا بأبدانهم.

الحاصل:

يتحصَّل مما تقدم أنه يشترط في المقذوف الذي يجب الحدُّ على قاذفه ..

ثالثًا: شروط المقذوف به (صيغة القذف):

القذف على ثلاثة أضربُ: صريح، وكناية، وتعريض.

فاللفظ الذي يقصد به القذف إن لم يحتمل غيره فصريح، كأن يقول: «يا زاني» أو «يا زانية»، أو يقول عبارة تجري مجرى التصريح كنفي نسبه عنه.

وإلا فإن فُهم منه القذف بوضعه فكناية، كقوله لامرأة: «لا تردِّين يد


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٥٨)، ومسلم (١٦٦٠).
(٢) نقله في «فتح الباري» (١٢/ ١٩٢ - سلفية) عن المهلب وكذا القرطبي في «التفسير» (١٢/ ١٧٤)، والنووي في «شرح مسلم» (١١/ ١٣١)، وابن قدامة في «المغني» (١٠/ ٢٠٢).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق.
(٤) «فتح الباري» (١٢/ ١٩٢)، و «المحلي» (١١/ ٢٧٢).
(٥) سورة الحجرات: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>