للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامس»، وإلا فتعريض وهو الكلام الذي له وجهان ظاهر وباطن، فيقصد قائلُه الباطن ويُظهر إرادة الظاهر.

١ - القذف الصريح:

من قذف غيره بصريح الزنا وجب عليه الحدُّ بشروطه باتفاق الفقهاء.

٢ - القذف الكنائي:

وأما الكناية - كمن قال لامرأة: «لا تردِّين يد لامس» أو قال لها: «يا قحبة» ونحو ذلك مما يحتمل القذف وغيره - فللعلماء فيه قولان (١):

الأول: يُحدُّ قائله إلا أنه إذا أنكر القذف صُدِّق بيمينه: وهو قول المالكية والشافعية، ويُعزَّرُ للإيذاء عند جمهور الشافعية، وقيَّده الماوردي بما إذا خرج اللفظ مخرج السبِّ والذم، فإن أبى أن يحلف حُبس عند المالكية، فإن طال حبسه ولم يحلف عُزِّر.

وهؤلاء اختلفوا في بعض الألفاظ كم قال لامرأته: «يا فاجرة أو يا فاسقة أو يا خبيثة» ونحو ذلك وهل يقبل يمينه بأنه لم يرد بها القذف أو لا، على أوجه تراجع في كتب الفروع.

الثاني: لا حدَّ عليه، وإنما الحدُّ على من صرَّح بالقذف فقط: وهو قول الحنفية والحنابلة، فلو قال: «يا قحبة أو يا فاجر» فلا حدَّ عليه عندهم لأنه لم ينسبه - أو ينسبها - إلى صريح الزنا، قالوا: والفجور قد يكون بالزنا وغير الزنا، فلا يكون قذفًا بصريح الزنا، فلو أوجبنا الحدَّ، أوجبناه بالقياس، ولا مدخل للقياس في الحد، لكن عليه التعزير لارتكابه حرامًا، وليس فيه حدٌّ مقدَّر، ولأنه ألحق به نوع شَيْن بما نسبه إليه، فيجب التعزير لدفع ذلك الشين عنه.

٣ - التعريض بالقذف:

وأما التعريض بالقذف - كأن يقول لصاحبه في مقام الخصام والتنازع: «ما أنا بزانٍ، وأمي ليست بزانية!!» - فقد اختلف الفقهاء في وجوب الحدِّ به على قولين (٢):


(١) «الدسوقي» (٤/ ٣٢٨)، و «مغنى المحتاج» (٣/ ٣٦٨)، و «المبسوط» (٩/ ١١٩)، و «كشاف القناع» (٦/ ١١٠).
(٢) «ابن عابدين» (٣/ ١٩١)، و «فتح القدير» (٥/ ١٠٠)، و «شرح الزرقاني» (٨/ ٨٧)، و «تفسير القرطبي» (١٢/ ١٧٣)، و «روضة الطالبين» (٨/ ٣١٢)، و «فتح الباري» (٩/ ٤٤٣)، و «المغني» (٨/ ٢٢٢)، و «إعلام الموقعين» (٣/ ١٤١)، و «الحدود والتعزيرات» (ص ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>