١ - ما يُروى «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر ثمانين» (١) وهو ضعيف لا تقوم به حجة.
٢ - حديث أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي برجل قد شرب
الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، - قال: - وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانين، فأمر به عمر» (٢).
قالوا: فاتفق رأيهم على الثمانين فكان إجماعًا (!!).
٣ - ما يُروى عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنه قال: «إذا سكر أهذى، وإذا أهذى افترى، وحدَّ المفتري ثمانون» (٣) ولا يصحُّ عنه، بل ثبت عنه أنه جلد أربعين.
قلت:
الذي يترجَّح لديَّ هو القول الأول: أن الحدَّ أربعون، لأنه الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر صدرًا من خلافته، وأما ما زاده عمر - رضي الله عنه - واستشار فيه الصحابة، فإنه قد زاده على الحدِّ من باب التعزير لما رأى من اجتراء الناس وتتابعهم على شربها، ويؤيد هذا أمران:
(أ) أن عمر تدرَّج بالجلد من أربعين إلى ستين ثم إلى ثمانين، فعنه «أن عمر - رضي الله عنه - جلد أربعين سوطًا، فلما رآهم لا يتناهون جعله ستين، فلما رآهم لا يتناهون جعله ثمانين، ثم قال: هذا أدنى الحدود» (٤).
(ب) أنه كان يضرب في وقت واحد أربعين وثمانين تبعًا للمصلحة، فقد «أُتي عمر بشارب، فقال لمطيع بن الأسود: إذا أصبحت غدًا فاضربه، فجاء عمر فوجده
يضربه ضربًا شديدًا، فقال: كم ضربته؟ قال: ستين، قال: اقتصَّ منه بعشرين» (٥).
(١) ضعيف: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٧/ ٣٧٩) مرسلًا، وانظر «التلخيص» (٤/ ٧٢).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٠٦)، وأبو داود (٤٤٧٩)، والترمذي (١٤٤٣)، وأحمد (١١٧٢٩).
(٣) ضعيف: أخرجه مالك (٢/ ٨٤٢)، والدارقطني (٣٥٤)، والطحاوي (٢/ ٨٨)، والحاكم (٤/ ٣٧٥)، والبيهقي (٨/ ٣٢٠)، وانظر «الإرواء» (٢٣٧٨).
(٤) مرسل: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٧/ ٣٧٧).
(٥) صححه الحافظ: عزاه الحافظ في «الفتح» (١٢/ ٧٥) إلى أبي عبيد في «الغريب» وقال: إسناده صحيح.