للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبيد: «يعني: اجعل شدة ضربك له قصاصًا بالعشرين التي بقيت من الثمانين» اهـ وقال البيهقي: «ويؤخذ من هذا أن الزيادة على الأربعين ليست بحد إذ لو كانت حدًّا لما جاز النقص منه بشدة الضرب إذ لا قائل به» اهـ (١).

وأما ادعاؤهم اتفاق الصحابة - بعد استشارة عمر لهم - على الثمانين وأنه إجماع، فهو متعقَّب بجلد عليٍّ للشارب أربعن، وكذلك عثمان - رضي الله عنهما.

والذي يتحصَّل أن الحدَّ إنما هو أربعون، وللإمام أن يزيد عليها بحسب الحال تبعًا للمصلحة من باب التعزير، والله تعالى أعلم.

فائدتان:

صفة حد الشرب:

١ - صفة حد الشرب: يجوز ضرب الشارب بالجريد أو الأيدي أو النعال أو الثياب أو السوط بحسب الحال، وما تقتضيه المصلحة، ففي حديث السائب بن يزيد المتقدم: «... فتقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا ...» الحديث (٢).

وعن أنس قال: «جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخمر بالجريد والنعال ...» (٣).

هذا مذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام، وأما الجمهور (٤) فقالوا: يقام الحد بالسوط كسائر الحدود، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا شرب الخمر فاجلدوه» (٥).

فأمر بجلده كما أمر الله بجلد الزاني فكان بالسوط مثله؛ ولأن الخلفاء الراشدين ضربوا بالسياط وكذلك غيرهم، وأما الأحاديث المتقدمة فكانت في بدء الأمر ثم استقر الأمر على الجلد بالسوط.

قلت: وهذا له وجهه كذلك، والله أعلم بالصواب.

٢ - لا يجوز لعنُ شارب الخمر تعيينًا، ولا سبُّهُ إذا أقيم عليه الحد:

فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن رجلًا كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه


(١) انظر «سنن البيهقي»، و «فتح الباري» (١٢/ ٧٥ - سلفية).
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) صحيح: تقدم قريبًا.
(٤) «الهداية» (٢/ ١١١)، و «القوانين» (٣١٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٧٩)، و «المغني» (٤/ ٣٥٤)، و «مجموع الفتاوى» (٧/ ٤٨٣).
(٥) صحيح: يأتي قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>