للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يثبت به حَدُّ الخمر (١):

١ - الإقرار: أي اعتراف الشارب بشربه للخمر، ويكفي فيه مرة واحدة في قول عامة أهل العلم، ولا يشترط مع إقرار وجود رائحة الفم - خلافًا لأبى حنيفة - لأنه ربما يُقرُّ بعد زوال الرائحة عنه.

٢ - البيِّنة: وهي أن يشهد رجلان عدلان مسلمان أنه شرب مسكرًا، ولا يحتاجان إلى تفصيل في نوع المشروب، ولا إلى ذكر الإكرام أو عدمه، ولا ذكر علمه أنه مسكر؛ لان الظاهر الاختيار والعلم.

فعن حصين بن المنذر قال: شهدت عثمان بن عفان وأُتى بالوليد بن عقبة قد صلَّى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد الآخر أنه رآه يتقيَّأ، فقال عثمان: «إنه لم يتقيأ حتى شربها» فقال: «يا عليُّ، قم فاجلده» فقال عليٌّ: «قم يا حسن فاجلده» فقال الحسن: وَلِّ حارَّها من تولى قارَّها، فقال: «يا عبد الله بن جعفر، قم فاجلده» فجلده وعليٌّ يعدُّ حتى بلغ أربعين فقال: «أمسك» ... الأثر (٢).

فاعتبر عثمان وعليٌّ شهادة الرجلين ولم يستفصلا عن شيء مما ذكرنا.

هل تعتبر رائحة الخمر في الفم أو تقيُّؤ الخمر بمثابة البينة؟

اختلف العلماء في وجوب الحد بوجود الرائحة في الفم أو القيء على ثلاثة

أقوال (٣):

الأول: لا يجب الحدُّ بوجود الرائحة من الفم أو القيء: وهو قول أكثر أهل العلم، منهم الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، قالوا: لأن الرائحة يحتمل أنه تمضمض بها، أو حسبها ماءً فلما صارت في فيه مجَّها، أو ظنَّها لا تُسكر أو كان مكرهًا، أو أكل نبقًا بالغًا، أو شرب شراب تفاح، فإنه يكون منه رائحة الخمر، وإذا احتمل ذلك لم يجب الحد الذي يُدرأ بالشبهة (٤).


(١) «المغني» (٩/ ١٣٨ - الفكر)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٢٣٩)، و «التشريع الجنائي» (٢/ ٥٠٩).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٠٧) وقد تقدم.
(٣) «المبسوط» (٢٤/ ٣١) و «القوانين الفقهية» (٣١٠)، و «المتقى» (٣/ ١٤٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٩٠)، و «المغني» (١٠/ ٣٣٢ - مع الشرح الكبير)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٣٩)، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٣٢٥ - ٣٤٢).
(٤) انظر: «المغني» لابن قدامة (س١٠/ ٣٣٢ - مع الشرح الكبير).

<<  <  ج: ص:  >  >>