للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ر) أن يشهد على شخص شاهدان أحدهما بالشرب والثاني بالرائحة أو القيء كما في قصة عثمان.

وأما الحدُّ بمجرد الرائحة ونحوها، فقد وقع ما يدل على أن ذلك غير موجب للحد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «شرب رجل فسكر، فلقي يميل في الفج، فانطلق به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك، فقال: أفعلها؟ ولم يأمر فيه بشيء» (١).

قال الخطابي - رحمه الله -: يحتمل أن يكون إنما لم يتعرض له بعد دخوله دار العباس - رضي الله عنه - من أجل أنه لم يكن ثبت عليه الحد بإقرار منه أو شهادة

عدول، وإنما لقي في الفج يميل، فظن به السُّكر، فلم يكشف عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وتركه على ذلك، والله أعلم. اهـ.

هل يُحدُّ السكران حال سكره؟ أو بعد صحوه؟ (٢)

ذهب عمر بن عبد العزيز والشعبي والثوري وأبو حنيفة والشافعي إلى أن السكران لا يحدُّ حتى يصحو، وحجتهم أن المقصود بالحد الزجر والتنكيل، وحصولهما بإقامة الحد عليه في صحوه أتمُّ، فينبغي أن يؤخر إليه، لأن السكران لا يعقل ذلك.

وقالت طائفة: يُجلد حين يؤخذ، وبه قال ابن حزم، قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بالشارب فأقر فضربه ولم ينتظر أن يصحو، والنظر لا يدخل على الخبر الثابت، فالواجب أن يحد حين يؤتى به إلا أن يكون لا يحسُّ أصلًا، ولا يفهم شيئًا فيؤخر حتى يحسَّ، وبالله تعالى التوفيق. اهـ.

مجالسة شاربي الخمر، وهل يُحدُّ غير شاربها؟ (٣)

يحرم مجالسة شاربي الخمر وهم يشربونها، أو الأكل على مائدة يُشرب عليها شيء من المسكرات خمرًا كان أو غيره، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر» (٤).


(١) إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٤٧٦).
(٢) «المحلي» (١١/ ٣٧١)، و «المغني» (٩/ ١٤٠).
(٣) «المحلي» (١١/ ٣٧١)، و «كشاف القناع» (٦/ ١١٨).
(٤) حسن بطرقه: أخرجه الترمذي (٢٨٠١)، وأبو داود (٣٧٧٤)، وأحمد (١٢٦ - ١٤٢٤١)، والدرامي (٢٠٩٢) وله طرق يحسن بمجموعها، وانظر «الإرواء» (١٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>