للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤ - وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها» (١).

٥ - وقد أجمعوا على أن قطع يد السارق يجب، إذا شهد عليه بالسرقة شاهدان عدلان مسلمان حُرَّان (٢).

حكمة التشريع في جعل عقوبة السارق قطع يده (٣):

من ضروريات التعايش الآمن وبناء العمران المطمئن صيانة الأموال والمحافظة عليها فكان من حكمة الله ورحمته بعباده أن فرض العقوبة الرادعة لكل سارق يفسد على الناس معاشهم ويخل بأمنهم على أموالهم. ففرض عقوبة قطع اليد من السارق. وجاء في نص صريح محكم وتنزيل يتلى فقال تعالى: {والسارق

والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} (٤).

وفي هذه الآية، جماع القول بالحكمة (جزاءًا بما كسبا نكالًا من الله). فبيّن سبحانه أن (القطع) هو الحكم المطابق لمجازاة (السارق) لا نقص ولا شطط فلم يجعل عقوبته الجلد، فيكون جزاءً ناقصًا عن مقابلة الجرم. ولم يجعله إعدامًا للنفس فيكون فيه مجاوزة لما يستحقه الجرم. وفي ذلك يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى -:

(إن عقوبة القطع للسارق أبلغ وأردع من عقوبته بالجلد. ولم تبلغ جنايته حد العقوبة بالقتل، فكان أليق العقوبات به: إبانة العضو الذي جعله وسيلة إلى أذى الناس وأخذ أموالهم).

وقال أيضًا:

(ولم يشرع في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته ولطفه وإحسانه وعدالته لتزول النوائب وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان. ويقنع كلّ إنسان بما آتاه مالكه وخالقه، فلا يطمع في استلاب غيره حقَّه).

وقال أيضًا:


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨).
(٢) «الإجماع» لابن المنذر (٦٢١).
(٣) نقلًا من «الحدود والتعزيرات» لبكر أبو زيد - حفظه الله - ص (٣٥١ - ٣٥٢).
(٤) سورة المائدة: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>