للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جلس بين شُعبها الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل [وإن لم ينزل]» (١).

وعن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يَكْسَل: هل عليهما غسل؟ -وعائشة جالسة- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل» (٢).

قال النووي: «وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه خلاف لبعض الصحابة، ومن بعدهم، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرناه» اهـ.

قلت: أما خلاف الصحابة في هذه المسألة فمنه حديث زيد بن خالد «أنه سأل عثمان بن عفان فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يُمْن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عند ذلك عليَّ بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك» (٣).

وذهب داود الظاهري إلى عدم وجوب الغسل إن لم ينزل لحديث: «إنما الماء من الماء» (٤).

وحديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «إذا أُعجلت -أو: قحطت- فعليك الوضوء» (٥).

فأما هؤلاء الصحابة فقد ثبت عنهم الرجوع عن القول بعدم إيجاب الغسل (٦).

وأما قول داود فقد خالف فيه الجماهير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والفقهاء من التابعين ومن بعدهم فرأوا أن حديث «الماء من الماء» وما في معناه كان في أول الإسلام ثم نسخ، قال الترمذي (١/ ١٨٥): «وهكذا روى غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبي بن كعب (٧) ورافع بن خديج والعمل على هذا عند أكثر


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٢٩١)، ومسلم (٣٤٨) والزيادة له.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٣٥٠).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٢٩٢)، ومسلم (٣٤٧).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٣٤٣) وقد تقدم.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١٨٠)، ومسلم (٣٤٥).
(٦) انظر الآثار عنهم في «جامع أحكام النساء» لشيخنا، حفظه الله (١/ ٨٩، ٩٠).
(٧) حديث أبي صحيح بطرقه كما بيَّنه شيخنا أبو عمير الأثري -أمتع الله بحياته- في «شفاء العيي بتحقيق مسند الشافعي» (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>