للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا مذهب الشافعي، وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي وعائشة - رضي الله عنهم - وبه قال الفقهاء السبعة، وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وابن المنذر (١)، وحجتهم:

١ - حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا» (٢).

قالوا: وهو قولٌ أقوى في الاستدلال من الفعل المجرَّد، وهو صريح في

الحصر، وسائر الأخبار الصحيحة الواردة حكاية فعل لا عموم لها.

٢ - أن حديث عائشة قد رُوي بلفظ: «اقطعوا في ربع دينار، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك» قالت: وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم، والدينار اثنى عشر درهمًا (٣).

قلت: وهو ضعيف بهذا اللفظ.

٣ - أن المعوَّل عليه في القيمة الذهب، لأنه الأصل في جواهر الأرض كلها، ويؤيده ما نقل الخطابي استدلالًا على أن أصل النقد في ذلك الزمان الدنانير، بأن الصكاك القديمة كان يُكتب فيها: (عشرة دراهم: وزن سبعة مثاقيل) فعرفت الدراهم بالدنانير وحصرت بها.

الرابع: يقطع في القليل والكثير، إلا الذهب فلا يقطع إلا في ربع دينار فصاعدًا: وهو مذهب أبي محمد بن حزم، ووافقه على القطع في القليل والكثير: الحسن وبعض أصحاب الشافعي (٤)، واحتجوا لهذا بما يلي:

١ - عموم قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (٥).

قالوا: وهو يشمل القليل والكثير.

٢ - حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله

السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده» (٦).


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ١٥٨)، و «قليوبي وعميرة» (٤/ ١٨٦)، و «المغني» (١٠/ ٢٤٢)، و «فتح الباري» (١٢/ ١٠٩).
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه أحمد (٦/ ٨٠)، والبيهقي (٨/ ٢٥٥)، وانظر: «الإرواء» (٢٤٠٩).
(٤) «المحلي» (١١/ ٣٥١)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٥٨)، و «المغني» (١٠/ ٢٤٢).
(٥) سورة المائدة: ٣٨.
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧٩٩)، ومسلم (١٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>