للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السارق، فلا عبرة بهذا النقص فيُحدُّ، أما إن كان بسبب تغيُّر الأسعار ففي المذهب روايتان، الأولى: العبرة بالقيمة حين السرقة فيحدُّ كما قال الجمهور، والأخرى: إذا نقصت قيمة المسروق عن النصاب قبل الحكم فلا يقام الحدُّ، لأنه لا دخل للسارق في ذلك، ولأن النقص عند الحكم يورث شبهة تدرأ الحدَّ.

٣ - أن يكون المسروق محرزًا:

الْحرِزُ - عند الفقهاء -: الموضع الحصين الذي يحتفظ فيه المال عادة، بحيث لا يعدُّ صاحبه مضيِّعًا له بوضعه فيه.

وقد ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن حدَّ السرقة لا يقام إلا إذا أخذ السارق النصاب من حرزه، لأن المال غير المحرز ضائع

بتقصير من صاحبه (١).

واحتج الجمهور بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمعت رجلًا من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحريسة (٢) التي توجد في مراتعها؟ فقال: «فيها ثمنها مرتين، وضرب نكال، وما أخذ من عطنه (٣) ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن» قال: يا رسول الله، فالثمار وما أخذ منها في أكمامها؟ قال: «من أخذ بفمه ولم يتخذ خُبْنة (٤) فليس عليه شيء، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين، وضرب نكال، وما أخذ من أجرائه ففيه القطع، إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن» (٥).

وفيه اعتبار الحرز، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أسقط القطع عن سارق الثمار من الشجرة وأوجبه على سارقه من الجرين، وكذلك في الشاة، وهذا الحديث مخصص لعموم قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما} (٦).


(١) «البدائع» (٧/ ٦٦)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٣٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٦٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١١٠).
(٢) يريد: الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل.
(٣) العطن: الموضع الذي يترك فيه الإبل على الماء.
(٤) ما يحمله الإنسان في حضنه أو ثوبه.
(٥) حسن: تقدم تخريجه.
(٦) سورة المائدة: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>