للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحِرْزُ نوعان (١):

١ - حرز بنفسه (حرز المكان): وهو كل مكان مُعدٍّ للإحراز، يُمنع الدخول

فيه إلا بإذن، كالدار والبيت.

٢ - حرز بغيره (حرز الحافظ): وهو كل مكان غير مُعدٍّ للإحراز، لا يُمنع أحدٌ من دخوله، كالمسجد والسوق، ولا يكون حرزًا إلا إذا كان عليه حافظ، أي: شخص يحرسه.

وضابط الحرز وتحديد مفهومه يرجع إلى العرف، وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان، ونوع المال المراد حفظه، وباختلاف حال السلطان من العدل والجور، ومن القوة والضعف.

ولذا اختلف الفقهاء في الشروط الواجب توافرها ليكون الحرز تامًّا، وبالتالي يقام الحد على من يسرق عنه، وهذا مبسوط في كتب الفروع.

وإليك بعضًا من الأحراز مما دلت عليه الوقائع في عهد النبوة:

(أ) حرز الثمار:

دلَّ حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - المتقدم - فيمن سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثمار المعلقة، أن الجرين (وهو موضع تخرين الثمار) هو حرز الثمار، فلو سرقت من الجرين ففيها القطع، أما سرقة الثمار المعلقة في أشجارها فلا قطع فيها، وإنما يعزَّر السارق بأن يدفع ثمنها مضاعفًا، مع ضربه أو حبسه ويشهد لذلك حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا قطع في ثَمَر ولا كَثَر» (٢).

وبهذا قال جماهير أهل العلم منهم الأئمة الأربعة (٣) إلا أن الحنفية يشترطون


(١) «البدائع» (٧/ ٧٣)، و «الخرشي» (٨/ ١١٧)، و «قليوبي وعميرة» (٤/ ١٩٠)، و «المغني» (١٠/ ٢٥١).
(٢) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (٤٣٨٨ - ٤٣٨٩)، والنسائي (٨/ ٨٧)، وابن ماجة (٢٥٩٣)، وأحمد (٣/ ٦٣ - ومواضع)، وابن الجارود (٨٢٦)، والبيهقي (٨/ ٢٦٣)، وابن حبان (٤٤٦٦) وغيرهم، وقد ورد على أوجه مختلفة، والظاهر أن أرجحها الطريق المنقطعة، لكن صححه الألباني في «الإرواء» (٨/ ٧٣) وهو محتاج إلى مزيد بحث، وانظر: «شفاء العي» لشيخنا أبي عمير الأثري - حفظه الله - (٢/ ١٦٦ - ١٦٨).
(٣) «البدائع» (٧/ ٦٩)، و «الدسوقي» (٤/ ١٤٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٧٣)، و «المغني» (١٠/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>