للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تكون الثمار جافة غير رطبة ليقطع، وقد تقدمت الإشارة إلى مأخذهم في هذا ونقده.

(ب) الإنسان حرز نفسه وفراشه:

عن صفوان بن أمية - رضي الله عنه - قال: كنت نائمًا في المسجد على خميصة لي ثمنها ثلاثين درهمًا فجاء رجل فاختلسها مني، فأخذت الرجل فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر به ليقطع، فقلت: أتقطعه من أجل ثلاثين درهمًا؟ أنا أبيعه وأنسئه ثمنها، فقال: «هلا كان قبل أن تأتيني به» (١).

وفيه أن الإنسان حرر لثيابه ولفراشه الذي هو نائم عليه أين كان، سواء كان في المسجد أو غيره (٢).

وهذا متفق عليه - في الجملة - في المذاهب الأربعة، والحرز عندهم - هنا - بالحافظ لا بالمكان (٣).

هل يُقطع الطرَّار (النشال)؟ (٤)

ولهذا ذهب جمهور العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد وهو اختيار شيخ الإسلام، إلى أن الطرَّار (وهو البطَّاط: الذي يبط الجيوب والمناديل والأكمام، وهو ما يسمى في بلادنا: النشال) يُقطع، سواء شقَّ الجيب وأخذ منه المال، أو أدخل يده في الكم أو الجيب فأخذه من غير شقٍّ، لأن المال محرز بصاحبه، والكم تبع له.

وذهب أبو حنيفة إلى أن الطرَّار لا قطع عليه إلا إذا شق الجيب أو الكم، لأن الحرز لا يتحقق - عنده - بغير الشق إذا كانت الدراهم مصرورة في داخل الكم أو الجيب، وعليه فلا قطع عندهم فيما إذا حلَّ الرباط ولم يشقَّه!!

قلت: وقول الجمهور أقوى ويتأيد بحديث صفوان المتقدم، وهو قول أبي يوسف من الحنفية.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٣٩٤)، والنسائي (٨/ ٦٩)، وابن ماجة (٢/ ٨٦٥)، وأحمد (٦/ ٤٦٦)، والبيهقي (٨/ ٢٦٥).
(٢) «زاد المعاد» لابن القيم (٥/ ٥٤) ط. الرسالة.
(٣) «فتح القدير» (١٤٩٥)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٢٨)، و «جوهر الإكليل» (٢/ ٢٩٢)، و «المغني» (١٠/ ٢٥١).
(٤) «المبسوط» (٩/ ١٦٠)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٢٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٣٣)، و «القرطبي» (٦/ ٧٠) والمراجع المتقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>