للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(جـ) هل يعتبر المسجد حرزًا لما فيه؟

لا يخلو ما يمكن سرقته من المسجد من أن يكون أحد ثلاثة أنواع:

١ - ما يعتاد وضعه في المسجد من أدواته المعدة للاستعمال فيه: كالحصر والبُسُط والقناديل ونحوها، فهذه اختلف أهل العلم في قطع سارقها (١):

فذهب الحنفية والشافعية وهو المعتمد عند الحنابلة إلى أنه لا يقطع، لأن له

فيها حقًّا وهو الجلوس على الفراش والشرب عن السِّقاء ونحو ذلك من آلات المسجد وهي شبهة تدرأ الحدَّ، فإن لم يكن له فيها حق - كأن كان ذميًّا غير مسلم - قطع.

وعدم القطع عند الحنفية مقيَّد بما إذا لم يكن به حارس، لأن السجد يعتبر - عندهم- حرزًا بالحافظ، أما إذا كان للمسجد حارس فإنه يكون محرزًا به فيقطع.

وذهب المالكية - وهو وجه عند الحنابلة والشافعية - إلى أن سارق الحصر والقناديل يُقطع.

٢ - ما جعل لعمارة المسجد كالبناء والسقف أو لتحصينه كالأبواب والشبابيك أو لزينته كالستائر والقناديل المعلقة (٢): فنصَّ المالكية والشافعية والحنابلة - في رأيٍ - على أن المسجد يعتبر حرزًا بنفسه في هذه الأشياء، فيقام الحد على سارقها، وعند الحنابلة رأى آخر: أنه لا يقام الحد على من يسرق من المسجد سواء كان المسروق لعمارته وزينته أو كان معدًّا للانتفاع به، لأن المسجد لا مالك له من المخلوقين ولأنه معدٌّ لانتفاع المسلمين به، فكان ذلك شبهة تدرأ الحد سوا اعتبرت السرقة من حرز بنفسه أو من حرز بالحافظ.

٣ - ما يضعه صاحبه في المسجد مما هو ملك له لا للمسجد (٣):

فلا يقام الحدُّ على من سرق متاعًا تركه صاحبه في المسجد، لأن المسجد لا يعتبر من الأماكن المعدة لحفظ الأموال، ويُدخل إليه بلا إذن، فأما إذا سرق المتاع

حالة وجود الحافظ (الحارس) فإنه يقام الحد على السارق، وعلى هذا يحمل حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع يد رجل سرق ترسًا من صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم» (٤).


(١) «البدائع» (٧/ ٧٤)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣٠٩، ٣١٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٢٥)، و «القليوبي» (٤/ ١٩٢)، و «المغني» (١٠/ ٢٥٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٨٣)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٧٥).
(٢)، (٢) المراجع الفقهية السابقة.
(٣)
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٣٨٦)، والنسائي (٨/ ٧٧)، وأحمد (٢/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>