للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فائدة: مذهب الظاهرية وجوب قطع السارق من المسجد مطلقًا بناءً على أصلهم في عدم اعتبار الحرز شرطًا (١).

مسائل متعلقة باعتبار الحرز:

الأول: هل يقطع جاحد العاريَّة أو خائن الأمانة؟ (٢)

من استعار من غيره شيئًا - مما يبلغ النصاب - ثم جحده وأنكره حينما طولب به، فقد اختلف أهل العلم في قطعه بذلك على قولين:

الأول: يقطع جاحد العارية، وهو قول الإمام أحمد في أشهر الروايتين - وهو المعتمد في مذهبه - وهو مذهب الظاهرية، وانتصر له ابن حزم وابن القيم.

وعمدة هذا القول:

١ - حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فأتى أهلها أسامة

بن زيد - رضي الله عنهما - فكلَّموا النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أسامة، لا أراك تشفع في حد من حدود الله عز وجل» ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فقال: «إنما هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (٣).

٢ - حديث ابن عمر: أن امرأة كانت تستعير الحلي من الناس ثم تمسكه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لتتب هذه المرأة إلى الله ورسوله، وترد ما تأخذ من القوم» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قم يا بلال، فخذ بيدها فاقطعها» (٤).

الثاني: لا قطع على جاحد العارية: وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، وقد أجابوا عن حديث المخزومية بما يلي:


(١) انظر: «المحلي» لابن حزم (١١/ ٣٢٩).
(٢) «فتح القدير» (٥/ ١٣٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٤٣٦)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٣٦)، و «المغني» (١٠/ ٢٤٠)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٥٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٠٤)، و «فتح الباري» (١٢/ ٩١)، و «المحلي» (١١/ ٣٥٨)، و «تفسير القرطبي»، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٤٠٤)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ٦٢)، و «تهذيب السنن» (٦/ ٢٠٩).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٦٨٨)، وأبو داود (٤٣٧٣)، والنسائي (٨/ ٦٣ - ٦٨).
(٤) صحيح: أخرجه النسائي (٨/ ٦٣ - ٦٤) بسند صحيح، وأخرجه أبو داود (٤٣٩٥)، والنسائي (٨/ ٧٠)، وأحمد (٢/ ١٥١) وغيرهم عن ابن عمر مختصرًا بلفظ: «أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع فتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها» وسنده صحيح على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>