للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١ - أنه قد ثبت من وجه آخر عن عائشة - نفسها - بلفظ (سرقت) بدلًا من (تستعير المتاع وتجحده)، فعنها: أن قريشًا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلم رسول الله - صلى

الله عليه وسلم - فقال: «أتشفع في حد من حدود الله ...» الحديث بنحوه (١).

(أ) قالوا: ورواية (سرقت) أرجح، لأن الأخرى تفرَّد بها معمر عن الزهري، وخالفه الليث ويونس وأيوب بن موسى عن الزهري فقالوا (سرقت) ومعمر لا يقاومهم فروايته شاذة!!

وأجيب: بأن معمرًا لم يتفرد بهذا اللفظ، بل تابعه شعيب ويونس وابن أخي الزهري وأيوب بن موسى - أيضًا - عن الزهري به، ثم قد صح من حديث ابن عمر بنحوه كما تقدم فصحَّ الحديث، ولذا قال الحافظ: وعلى هذا فيتعادل الطريقان، ويتعيَّن الجمع فهو أولى من اطّراح أحد الطريقين. اهـ.

(ب) قالوا: لا شك أن القصة - في الحديثين - لامرأة واحدة استعارت وجحدت، أو سرقت فقطعت للسرقة لا للعارية، وإنما ذكر العارية والجحد في هذه القصة تعريفًا لها بخاص صفتها، قالوا: ويترجَّح أنها قُطعت على السرقة لا لأجل جحد العارية من أوجه:

أحدها: قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث الذي ذكرت فيه العارية: «لو أن فاطمة سرقت» وفيه دلالة قاطعة (!!) على أن المرأة قطعت في السرقة، إذ لو كان قطعها لأجل الجحد لكان ذكر السرقة لاغيًّا، ولقال: (لو أن فاطمة جحدت العارية)، ثانيهما: أنها لو كانت قطعت في جحد العارية، لوجب قطع كل من جحد شيئًا، إذا ثبت عليه ولو لم يكن بطريق العارية.

ثالثها: أن ذلك يعارض قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على خائن، ولا مختلس، ولا منتهب قطع» (٢) والمستعير الجاحد خائن، فلا يقطع.

قال الحافظ: وقد أجمعوا على العمل به إلا من شذ ... وأجمعوا على أن لا قطع على الخائن في غير ذلك ولا على المنتهب، إلا إن كان قاطع طريق. اهـ.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨)، وأبو داود (٤٣٧٣)، والترمذي (١٤٣٠)، والنسائي (٨/ ٦٥).
(٢) صححه الألباني: وسيأتي تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>