للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمُها:

الحرابة من الكبائر، وهي من الحدود باتفاق الفقهاء، وسمي القرآن مرتكبيها محاربين لله ورسوله، وساعين في الأرض بالفساد، وغلظ عقوبتها أشد

التغليظ، فقال سبحانه: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} (١).

شروط تعتبر في المحارب:

اشترط الفقهاء في المحاربين - حتى يُحدُّوا حدَّ الحرابة - شروطًا لابد من توافرها، ولم يتفقوا عليها جميعًا، وإنما وقع في بعضها خلاف، فإليك هذه الشروط وطرفًا من المناقشات حولها:

١ - التكليف (٢): ولا خلاف بين أهل العلم في اشتراط البلوغ والعقل في عقوبة الحرابة؛ لأنها شرط التكليف الذي هو شرط إقامة الحدود.

لكنهم اختلفوا في حدِّ من اشترك مع الصبي والمجنون في قطع طريق، فذهب الجمهور إلى أن الحد لا يسقط عنهم وعليه الحدُّ، وإنما الشبهة مختصة بواحد - الصبي أو المجنون - فلم يسقط عن الباقين.

وذهب الحنفية - إلا أبا يوسف - إلى أنه لو اشترك في قطع الطريق صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من أحد المارَّة سقط الحدُّ عن الجميع (!!) قالوا: لأنها جناية واحدة قامت بالكل، فإن لم يقع فعل بعضهم موجبًا الحد، كان فعل الباقين بعض العلة فلم يثبت به الحكم (!!).

قلت: وقول الجمهور أقوى، والله أعلم.

(٢) الالتزام (٣):

اشترط الجمهور في المحارب أن يكون ملتزمًا بأحكام الشريعة، بأن يكون مسلمًا، أو ذميًّا، أو مرتدًّا، فلا يُحدُّ عندهم الحربي، ولا المعاهد، ولا المستأمن.


(١) سورة المائدة: ٣٣.
(٢) «البدائع» (٧/ ٩١)، و «شرح الزرقاني» (٨/ ١٠٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٨، ٢١)، و «المغني» (٨/ ٢٦٨)، ط. الرياض.
(٣) «ابن عابدين» (٣/ ١١٢)، و «المدونة» (٦/ ٢٦٨)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٥٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٤٦)، و «المحلي» (١١/ ٣٠٥، ٣١٥)، و «فتح الباري» (١٢/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>