للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة: إن شاء قطع يده ورجله من خلاف ثم قتله، وإن شاء قتله فقط، وإن شاء صلبه.

والصلب - عنده -: طعنُه وتركه حتى يموت، ولا يترك أكثر من ثلاثة أيام.

واعتُرض بأن الحدود إذا كان فيها قتل سقط ما دونه، كما لو سرق وزنى وهو محصن.

٣ - وقال مالك: إن قتل فلابد أن يُقتل، إلا إن رأى الإمام أن في إبقائه مصلحة أعظم من قتله.

وليس له تخيير في قطعه ولا نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه، وإن أخذ المال ولم يقتل لا تخيير في نفيه وإنما التخيير ف قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف، وإن أخاف السبيل فقط فالإمام مخيَّر بين قتله وصلبه، أو قطعه، باعتبار المصلحة.

واعتُرض بأن مالكًا - رحمه الله - اعتبر جَلَد ورَايَ القاطع، ولم يعتبر الجناية، وهذا مخالف للأصول المعروفة من اختلاف العقوبات بحسب الجرائم.

قلت: ويمكن اعتبار مالك - رحمه الله - من القائلين بالتخيير بين العقوبات - إلا في القاتل - كأصحاب القول الآتي.

القول الثاني: أن هذه العقوبات على التخيير: فإذا خرجوا لقطع الطريق وقَدر عليهم الإمام، خُيِّر بين أن يجري عليهم أيًّا من الجزاءات الأربعة (القتل، والصلب، والقطع، والنفي) على ظاهر الآية.

وبهذا قال جماعة من السلف منهم سعيد بن المسيب وعطاء ومجاهد والحسن والضحاك والنخعي وأبو ثور وداود وابن حزم، ويمكن أن يُضم إليهم الإمام مالك. واحتج هؤلاء بما يلي:

١ - قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: «ما كان في القرآن «أو» فصاحبه بالخيار» (١).

٢ - أن الأصل في «أو» أنها تقتضي التخيير كما في آية كفارة اليمين.

وقد تقدم الردُّ على كلا الاستدلالين في ثنايا أدلة المذهب الأول.

قلت: والأرجح ما ذهب إليه الجمهور من كون العقوبات للتنويع بحسب الجرائم على نحو ما ذهب إليه الشافعي وأحمد.


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (٦/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>