للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التعزير فيما لا حدَّ فيه ولا قصاص لتحقيق هذه الغاية، وتحقيقًا لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجاء في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - على سبيل المثال لا الحصر:

١ - أمره - صلى الله عليه وسلم - بضرب الأولاد على الصلاة لعشر سنين.

٢ - همّه - صلى الله عليه وسلم - بتحريق بيوت من لا يشهد صلاة الجماعة.

٣ - تحريقه رحل الغالِّ من الغنيمة.

٤ - أمره بقطع رأس التمثال ليصير كالشجرة، وقطع الستر فيجعل منه وسادة.

٥ - أمره بكسر دنان الخمر وشق ظروفها.

٦ - أمره عبد الله بن عمر بحرق الثوبين المعصفرين.

٧ - تضعيفه الغرامة على من سرق بغير حرز، وسارق ما لا قطع فيه من الثمر وكاتم الضالة.

٨ - أمره بأخذ شطر مال مانع الزكاة.

٩ - حبسه ناسًا في تهمة.

وكل هذه الأمثلة وغيرها ثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - بعضها يأتي ذكر الحديث فيه في هذا الفصل، وبعضها مبثوث في ثنايا الكتاب تقدم إيراده أو تأخر.

والمقصود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقد عزَّر المسيء، وشرع لأصحابه وخلفائه العمل به، فقال: «لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حدٍّ من حدود الله تعالى» (١).

وعزَّر خلفاؤه - رضي الله عنهم - من بعده فيما لا حدَّ فيه ولا قصاص،

والآثار عنهم كثيرة جدًّا يأتي بعضها في موضعه.

ومن ذلك ما جاء عن عليٍّ - رضي الله عنه - في الرجل يقول للرجل: يا خبيث، يا فاسق، قال: «ليس عليه حد معلوم، يعزِّر الوالي بما رأى» (٢).

ليس لأقل التعزير حدٌّ بالاتفاق (٣): بل هو بكل ما فيه إيلام للإنسان من قول، وفعل، وترك قول وفعل، فقد يعزَّر بوعظه، وتوبيخه، والإغلاظ عليه، أو بهجرة، وترك السلام عليه حتى يتوب، أو بعزله عن ولايته، أو بترك استخدامه


(١) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم.
(٢) حسنه الألباني: أخرجه البيهقي (٨/ ٢٥٣)، وانظر «الإرواء» (٢٣٩٣).
(٣) «مراتب الإجماع» (ص ١٣٦)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ١٠٨، ٣٤٤)، وانظر: «ابن عابدين» (٤/ ٦٠)، و «فتح القدير» (٥/ ٥١٦)، و «المغني» (١٠/ ٣٤٨ - مع الشرح).

<<  <  ج: ص:  >  >>