للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الجند، أو قطع أجره، أو بحبسه، أو تسويد وجهه وإركابه على دابة مقلوبة، وغير ذلك مما يرى الإمام أن فيه ردًّا للمسيء عن إساءته وحضَّه على المعروف.

وهل الأكثر التعزير حدٌّ:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يزاد على عشر جلدات، وهو منصوص أحمد وقول إسحاق والليث وابن حزم وأصحابه (١) وحجتهم حديث أبي بردة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» (٢).

قال ابن حزم: ومن أتى منكرات جمة، فللحاكم أن يضربه لكل منكر منها

عشر جلدات فأقل بالغًا ذلك ما بلغ. اهـ.

القول الثاني: التعزير دون أقل حدٍّ، والقائلون بهذا مختلفون على أوجه، منها:

(أ) أن لا يبلغ أدنى حدٍّ مشروع مطلقًا: وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية (٣).

وعليه يكون أكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطًا (عند الشافعي؛ لأن حد الخمر عنده أربعون) وتسعة وسبعون (عند أبي حنيفة).

(ب) أن لا يبلغ بكل جناية الحدَّ المشروع في جنسها: وهذه رواية ثالثة في مذهب أحمد، وقد وافقه ابن تيمية في هذه الجزئية كما سيأتي:

وحجة هذا القول ما يلي:

١ - ما يروى مرفوعًا: «من بلغ حدًّا في غير حدٍّ، فهو من المعتدين» (٤) وهو ضعيف لا يثبت!!

٢ - وعن ابن المسيب في جارية كانت بين رجلين فوقع عليها أحدهما؟ قال: «يضرب تسعة وتسعين سوطًا» (٥).


(١) «الإنصاف» (١٠/ ٢٤٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٢٣)، و «المحلي» (١١/ ٤٠٣).
(٢) صحيح: تقدم قريبًا، وهو متفق عليه.
(٣) «الهداية» (٢/ ١١٧)، و «البدائع» (٧/ ٦٤)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٧٤)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٢٢)، و «المغني» (١٠/ ٣٤٧ - مع الشرح الكبير).
(٤) ضعيف: أخرجه البيهقي (٨/ ٣٢٧)، وقال: المحفوظ مرسل. اهـ.
(٥) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة، وانظر «الإرواء» (٢٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>