للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد عزَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - المخنثين بالنفي.

ونفى عمر بن الخطاب نصر بن حجاج إلى البصرة لما افتتن به النساء.

وقد ذهب الجمهور إلى جواز التعزير بالنفي، وقال الحنابلة: لا نفي إلا في الزنا والمخنث.

هل يجب التعزير فيما يُشرع فيه؟

اختلف أهل العلم فيمن ارتكب ما يشرع فيه التعزير، هل يجب على الحاكم أن يغزِّره؟ على قولين (١):

الأول: يجب، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك وأحمد، ونصَّ الحنابلة على أن ما كان من التعزير منصوصًا عليه فيجب امتثال الأمر فيه، وما لم يكن منصوصًا عليه: إذا رأى الإمام المصلحة فيه أو علم أنه لا ينزجر إلا به وجب، لأنه زجر مشروع لحق الله تعالى، فوجب كالحد، وتركه تعطيل.

الثاني: لا يجب، وهو مذهب الشافعي، واحتج بوقائع وقعت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترك التعزير عليها، مثل:

١ - حديث أن رجلًا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت امرأة، فأصبت منها ما دون أن اطأها، فقال: «أصليت معنا؟» قال: نعم، فتلا عليه

قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} (٢) (٣).

٢ - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأنصار كرشي وعيبتي (٤)، وإن الناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئتهم» (٥).

٣ - وعن عبد الله بن الزبير قال: خاصم الزبير رجلًا من الأنصار في أشراج الحرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اسق يا زبير، ثم أرسل إلى جارك» فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك؟! فتلوَّن وجهه ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء، حتى يرجع إلى الجدار، ثم أرسل الماء إلى جارك» (٦) وليس فيه أنه عزَّره.


(١) «الهداية» (٢/ ١١٦)، و «الكافي» لابن عبد البر (٢/ ١٠٧٣)، و «المغني» (٩/ ١٧٨)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٤٢)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ١٩، ٢٣).
(٢) سورة هود: ١١٤.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم (٢٧٦٣).
(٤) أي: موضع سرى وأمانتي.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٣٧٩٩)، ومسلم (٢٥١٠).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (٢٧٠٨)، ومسلم (٢٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>