للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(جـ) تضعيف الغرامة على كاتم الضالة.

(ر) أخذ شطر مال مانع الزكاة.

قلت: وأما الحنفية والشافعة فمنعوا التعزير بأخذ المال، قالوا: لأن ذلك يُفضي إلى تسليط الظلمة من الحكام على أخذ مال الناس فيأكلونه. اهـ.

وقد بالغوا في التحرز من ذلك فأغفلوا النصوص المتقدمة أو قالوا بنسخها (!!) على أن حصر التعزير بالمال في الأنواع الثلاثة المذكورة لا يجيز للحاكم أن يسلب الناس أموالهم عقوبة لهم، بما في يده من سلطة التعزير، والله أعلم.

التعزير بالحبس والنفي:

(أ) يُشرع التعزير بالحبس باتفاق العلماء (١)، والأصل فيه قوله تعالى: {أو ينفوا من الأرض} (٢) قال العلماء: النفي: الحبس.

وما جاء من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة، ثم خلَّى عنه» (٣).

وعن الهرماس بن حبيب عن أبيه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بغريم لي فقال لي: «ألزمه» ثم قال: «يا أخا تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك» (٤).

وقد نقل الزيلعي الإجماع على مشروعيته.

قال شيخ الإسلام: إن الحبس الشرعي ليس هو السجن في مكان ضيق، وإنما هو تعويق الشخص، ومنعه من التصرف بنفسه، سواء كان في بيت، أو مسجد، أو كان بتوكيل نفس الخصم، أو وكيل الخصم عليه، ولهذا سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - أسيرًا ... ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر حبس معدٌّ لسجن الناس، ولكن لما انتشرت الرعية في زمن عمر بن الخطاب ابتاع بمكة دارًا، وجعلها سجنًا، حبس فيها ... اهـ (٥).

(ب) وكذلك النفي فهو مشروع لظاهر قوله تعالى: {أو ينفوا من

الأرض} (٦).


(١) «تبين الحقائق» (٤/ ١٧٩).
(٢) سورة المائدة: ٣٣.
(٣) حسن: أخرجه أبو داود (٣٦٣٠)، والنسائي (٢/ ٢٥٥)، والترمذي، وأحمد (٥/ ٢).
(٤) أخرجه أبو داود، وابن ماجة.
(٥) «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٣٩٨).
(٦) سورة المائدة: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>