للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون تتكافأ دماؤهم» (١).

وأجيب: بأن هذه العمومات مخصوصة بأدلة الأولين، والخاص مقدم على العام.

٣ - واستدلوا كذلك بما رُوي من طريق الحسن عن سمرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه» (٢).

وأجيب: بأن الحديث ضعيف، وعلى فرض صحته فيمكن أن يخرج مخرج التحذير، وقيل: هو منسوخ، لا سيما وأن الحسن كان يُفتى بخلافه (!!).

والذي يترجح هنا: قول الجمهور، ويمكن أن يُستدل له كذلك بمفهوم خطاب قوله تعالى: {الحر بالحر والعبد بالعبد} (٣) فإن قيل: فيلزم على مقتضى هذا أن لا يُقتل العبد بالحر؟! قلنا: قتل العبد بالحر مجمع عليه، فلا يلزم التساوي بينهما في ذلك، والله أعلم.

هل يُقتل الجماعة بالواحد؟

إذا اشترك جماعة في قتل مسلم حر، ففعل كل منهم فعلًا لو انفرد به لكان كافيًا في قتله، فذهب الجماهير من أهل العلم منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي

وأحمد في المشهور عنه، إلى أنهم يقتلون جميعًا به، وهو مروي عن عمر وعليٍّ وابن عباس والمغيرة بن شعبة، وبه قال ابن المسيب والحسن وعطاء وقتادة والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وغيرهم، وحجتهم:

١ - أن عمر بن الخطاب قال - في غلام قُتل غيلة -: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعًا» (٤).

٢ - وعن عليٍّ - رضي الله عنه - أنه «قتل ثلاثة قتلوا رجلًا» (٥).

٣ - وعن ابن عباس أنه قال: «لو أن مائة قتلوا رجلًا، قُتلوا به» (٦).

قالوا: وهذا فعل من الصحابة لا يفعلونه إلا بتوقيف، كما أنه لم يظهر لهم مخالف فكان إجماعًا أو مثله.


(١) حسن: تقدم قريبًا.
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٥١٥)، والترمذي (١٤١٤)، والنسائي (٤٧٥٠)، وابن ماجة (٢٦٦٣).
(٣) سورة البقرة: ١٧٨.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري، والبيهقي (٨/ ٤٠)، واللفظ له.
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة بمعناه (٥/ ٤٢٩) ط. الرشد.
(٦) إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>