للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجب القصاص عليهم، دون النظر إلى فعل الشريك بحال، لكن يسقط القصاص عن هذا لمانع فيه هو، ككونه والدًا للمقتول، أو كونه غير مكلف.

الثاني: لا قصاص على أحد منهم، وتجب الدية: وهو مذهب أبي حنيفة، وقول ثانٍ للشافعي، والمشهور من مذهب أحمد، وبه قال الحسن والأوزاعي وإسحاق، وحجتهم:

١ - أنه شارك من لا مأثم عليه في فعله فلم يلزمه قصاص كشريك الخاطئ.

٢ - ولأن الصبي والمجنون - مثلًا - لا قصد لهما صحيح، ولهذا لا يصح إقرارهما فكان حكم فعلهما حكم الخطأ.

قلت: والأول أظهر، والله أعلم.

وإذا أمسك رجلًا وقتله الآخر (١):

فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الممسك للمقتول حال قتل القاتل له لا يلزمه القود، ولا يعدُّ فعله مشاركة حتى يكون ذلك من باب قتل الجماعة بالواحد، بل الواجب حبسه فقط، واحتجوا بما يلي:

١ - قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (٢).

٢ - ما يُروي عن ابن عمر مرفوعًا: «إذا أمسك الرجلُ الرجلَ، وقتله الآخر

يُقتل الذي قتل، ويُحبس الذي أمسك» (٣) وهو ضعيف.

٣ - ما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قضى في رجل قتل رجلًا متعمدًا، وأمسكه آخر، قال: «يُقتل القاتل، ويُحبس الآخر في السجن حتى يموت» (٤).

وذهب مالك والليث إلى أن الممسك يُقتل كالمباشر للقتل لأنهما شريكان، إذ لولا الإمساك لما حصل القتل.

قلت: والأول أرجح - رغم ضعف الأثرين - لأن الصحابة قدَّموا المباشرة على السبب، فقد قضي عمر - رضي الله عنه - في أعمى كان يقوده بصير، فوقعا في بئر، فوقع


(١) «نيل الأوطار» (٧/ ٣٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٢٠)، و «المغني» (١١/ ٥٩٦ - الفكر).
(٢) سورة البقرة: ١٩٤.
(٣) ضعيف: أخرجه الدارقطني (٣/ ١٤٠)، والبيهقي (٨/ ٥٠) ورجَّحا إرساله.
(٤) إسناده ضعيف: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٩/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>