للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمى على البصير فمات البصير، «قضي عمر - رضي الله عنه - بعقل البصير على الأعمى» (١).

فعُلم أنه لا حكم للسبب مع المباشرة، ما لم يكن فعل المشارك - إذا انفرد - مؤديًا إلى القتل، وقيل: ما لم يكن المشارك (الممسك) متواطئًا على القتل، فإن كان مريدًا قتله قُتل هو الآخر وهو قول متجه قوي.

٧ - اتفاق أولياء المقتول على طلب القصاص (٢):

إذا مات المجني عليه من غير عفو عن قاتله، صار القصاص والمطالبة بدمه حقًّا لجميع الورثة على سبيل الاشتراك بينهم، يستوي فيهم - عند الجمهور -

العاصب وصاحب الفرض، والذكر والأنثى، والصغير والكبير (٣)، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعقل المرأة عصبتُها من كانوا، ولا يرثوا منها شيئًا، إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها، فهم يقتلون قاتلها» (٤).

والمراد بالعصبة هنا: الذين يرثون الميت عن كلالة من غير والد ولا ولد.

وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «وعلى المقتتلين أن ينحجزوا، الأول فالأول، وإن كان امرأة» (٥).

والمراد بالمقتتلين: أولياء المقتول الطالبين القود، وينحجزوا: أي ينكفوا عن القود بعفو أحدهم ولو كان امرأة، وقوله «الأول فالأول» أي: الأقرب فالأقرب.

وذهب مالك إلى أن استيفاء القصاص لعصبة المجني عليه الذكور فقط (٦)، سواء كانوا عصبة بالنسب كالابن، أو بالسبب كالولاء، فلا دخل فيه لزوج ولا أخ لأم أوجد لأم (!).


(١) إسناده حسن: أخرجه الدارقطني (٣/ ٩٨).
(٢) هذا هو الشرط السابع من شروط وجوب القصاص.
(٣) «البدائع» (٧/ ٢٤٢، ٢٤٨)، و «الدسوقي» (٤/ ٢٤٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٩، ٥٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٤٦).
(٤) حسن: أخرجه أبو داود (١٥٦٤)، والنسائي (٨/ ٤٣)، وابن ماجة (٢٦٤٧).
(٥) ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٥٣٨)، والنسائي (٨/ ٣٩).
(٦) ونصَّ المالكية على أن القصاص يكون للنساء بثلاثة شروط: أن يكنَّ من ورثة المجني عليه، وأن لا يساويهن عاصب، وأن تكون المرأة ممن لو ذُكِّرت عصبت. وإذا كان للمجني عليه وارث من النساء، وعصبته من الرجال أبعد منهن، كان الحق في استيفاء القصاص لهن وللعصبة الأبعد منهن. انظر «الدسوقي» (٤/ ٢٥٦ - ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>