للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنها يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أنس، كتاب الله القصاص» فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبَّره» (١).

(جـ) وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على جريان القصاص فيما دون النفس إذا أمكن (٢).

(ر) وأما المعقول: فلأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه لأنه خُلق وقاية للنفس فشرع الجزاء صونًا له (٣).

شروط وجوب القصاص:

١ - أن يكون الفعل عمدًا: وهو شرط باتفاق الفقهاء:

وأما شبه العمد - فيما دون النفس - وهو أن يقصد الضرب بما لا يفضي إلى الجرح غالبًا فيجرحه، فلا قصاص فيه عند الجمهور.

وذهب الحنفية وبعض الحنابلة إلى أنه ليس فيما دون النفس شبه عمد أصلًا، فما كان شبه العمد في النفس، فهو عمد فيما دونها، لأن ما دون النفس لا يقصد إتلافه بآلة دون آلة عادة، فاستوت الآلات كلها في الدلالة على القصد، فكان الفعل عمدًا محضًا، ووجب القصاص (٤).

٢ - أن يكون الفعل عدوانًا: فإن لم يكن الجاني متعديًا في فعله، فلا يقتص منه، كأن لا يكون مكلفًا (ليس أهلًا للعقوبة) أو ارتكب هذا الفعل بحق، كمن يقيم حدًّا أو تعزيرًا أو كان طبيبًا ونحو ذلك.

٣ - أن يكون الجاني مكافئًا للمجني عليه: وهو أن يكون الجاني يقاد من المجني عليه لو قتله، كالحر المسلم مع الحر المسلم، فأما من لا يُقتل بقتله، فلا يقتص منه فيما دون النفس له، كالمسلم مع الكافر، والحر مع العبد، والأب مع ابنه؛ لأنه لا تؤخذ نفسه بنفسه، فلا يؤخذ طرفه بطرفه، ولا يجرح بجرحه كالمسلم مع المستأمن (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم (١٦٣٥) وغيرهما.
(٢) «المغني» لابن قدامة (٧/ ٧٠٢ - ط. الرياض)، وانظر: «مراتب الإجماع» (ص ١٣٨).
(٣) «المغني» (٧/ ٧٠٢).
(٤) «البدائع» (٧/ ٢٣٣)، و «الزرقاني» (٨/ ١٤)، و «روضة الطالبين» (٩/ ١٧٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٤٥)، و «المغني» (٧/ ٧٠٣).
(٥) «ابن عابدين» (٥/ ٣٥٦)، و «المراجع السابقة».

<<  <  ج: ص:  >  >>