للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يقول الجمهور خلافًا للحنفية، على نحو ما تقدم في القصاص في القتل.

٤ - أن يتماثل محل الجناية ومحل القصاص: فلا يُؤخذ شيء من الأصل إلا بمثله، فلا تؤخذ اليد إلا باليد، ولا رجل إلا بالرجل، ولا إصبع ولا عين وأذن ولا غيرها إلا بمثلها من الجاني، فلا تقطع يد أو رجل صحيحة بشلاء، وعلى هذا اتفاق الفقهاء (١). واختلفوا في قطع الشلاء بالصحيحة، فأجاز الجمهور قطعها، ونص الحنابلة والشافعية - في الصحيح - على أنها تقطع إذا قال أهل الخبرة بأنه ينقطع الدم، وإلا لم تقطع وتجب الدية وقال المالكية وهو وجه عند الشافعية: لا تقطع الشلاء بالصحيحة، لأن الشرع لم يرد بالقصاص فيها وعليه الدية.

واختلفوا في قطع الشلاء بالشلاء (٢): فمنعه الحنفية والمالكية والشافعية في وجه، وأجازه الحنابلة والشافعية في الصحيح لديهم إن استويا في الشلل أو كان شلل يد الجاني أكثر من يد المجني عليه بشرط أن لا يخاف نزف الدم.

وإذا قلع الأعور عين صحيح العينين (٣):

فقال أبو حنيفة والشافعي: يقتص منه، ويترك أعمى، وبه قال مسروق والشعبي وابن سيرين والثوري وابن المنذر، وحجتهم: عموم قوله تعالى: {والعين بالعين} (٤).

وقال مالك: يخيَّر بين القصاص وبين أخذ دية كاملة.

ومذهب أحمد أنه لا قصاص عليه وعليه دية كاملة؛ لأنه روِّي ذلك عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما فصار إجماعًا، ولأنه لم يذهب بجمع بصره فلم يجز له الاقتصاص منه بجميع بصره، كما لو كان ذا عينين.

قلت: الظاهر أنه لا مانع من القصاص إذا أراد المجني عليه، والله أعلم.

وإذا قلع صحيحٌ العين السالمة من الأعور (٥): فاتفقوا على أن للمجني عليه القصاص، ثم اختلفوا هل يجب على الصحيح شيء زائد عن القصاص؟ فذهب


(١) «البدائع» (٧/ ٢٩٧)، و «المغني» (٧/ ٧٢٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٥٧)، والمراجع السابقة.
(٢) «البدائع» (٧/ ٢٩٨)، و «الزرقاني» (٨/ ١٦)، و «الروضة» (٩/ ١٩٣)، و «المغني» (٧/ ٧٣٥).
(٣) «ابن عابدين» (٥/ ٣٥٤)، و «الزرقاني» (٨/ ٢٠)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٣٢٧)، و «المغني» (٧/ ٧١٧).
(٤) سورة المائدة: ٤٥.
(٥) «البدائع» (٧/ ٣٠٨)، و «الزرقاني» (٨/ ٤١) والمراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>