٥ - ألا تتناقض دعوى المدعين: فإن قال القتيل قبل موته: قتلني فلان عمدًا، وقالوا: بل قتله خطأ أو العكس، فإنه لا قسامة لهم وبطل حقهم، وليس لهم أن يرجعوا إلى قول الميت بعد ذلك، وكذلك لو ادعوا على شخص انفراده بالقتل، ثم ادعوا على آخر أنه شريك لم تسمع الدعوى الثانية لمناقضتها الأولى وتكذيبها.
وتمت شروط أخرى اشترطها بعض أهل العلم وهي مختلف فيها، كأن تكون الدعوى مفصلة، وأن يكون بالقتيل أثر قتل، وأن يوجد القتيل في محل مملوك لأحد، وكإسلام المقتول وغير ذلك، وقد ذكرنا أهم ما اشتُرط.
كيفية القسامة (١)؟
١ - ذهب جمهور أهل العلم، منهم مالك والشافعي وأحمد وربيعة والليث وغيرهم: إلى أن الأيمان في القسامة توجه إلى المُدَّعين، فيُكَلَّفون حلفها ليثبت مدعاهم ويحكم لهم به، فإن نكلوا عنها، وُجهت إلى المدعى عليهم، فيحلف أولياء القتيل خمسين يمينًا، فإن حلفوا ثبت مدعاهم، وحكم لهم إما بالقصاص أو الدية - على الخلاف في موجب القسامة - فإذا لم يحلف المدعون، حلف المدعى عليه خمسين يمينًا وبرئ، فيقول: والله، ما قتلته ولا شاركت في قتله ولا تسببت في قتله.
فإن لم يحلف المدعون، ولم يرضوا بيمين المدعى عليه برئ المتهمون، وكانت دية القتيل من بيت المال، عند الحنابلة خلافًا للمالكية والشافعية.
قلت: وهذا موافق لحديث سهل.
وإن نكل المدعى عليهم عن اليمين: فقال الشافعية: ترد الأيمان على المدعين، فإن حلفوا عوقب المدعى عليهم، وإن لم يحلفوا فلا شيء لهم.
وقال المالكية: يحبسون حتى يحلفوا أو يموتوا، وقيل: يجلدون ويحبسون عامًا.
وقد استدل للجمهور في البدء في القسامة بتحليف المدعين، بحديث سهل بن أبي حثمة المتقدم.
٢ - بينما ذهب أبو حنيفة وأصحابه والشعبي والثوري والنخعي إلى أنه يُبدأ بتوجيه الأيمان إلى المدعى عليهم، فإن حلفوا لزم أهل المحلة الدية، وهذا مروي من قضاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه.
(١) «ابن عابدين» (٥/ ٤٠٣)، و «الدسوقي» (٤/ ٢٩٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١١٦)، و «المغني» (١٠/ ٣٠ - مع الشرح الكبير)، و «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٣٨٨).