للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) حديث ابن عباس مرفوعًا: «لو أعطى الناس بدعاواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» (١).

(جـ) وبأن الأصل في المدعى عليه براءة ذمته، ولم يظهر كذبه، فكان القول قوله كسائر الدعاوى، ولا تكون قسامة.

(ر) ولأنه مدعى عليه فلم تلزمهُ اليمين (أي: القسامة).

وأما أبو حنيفة وأصحابه فلم يشترطوا اللوث في القسامة، وحجتهم أن رجلًا وجد قتيلًا بين حيين، فحلفهم عمر - رضي الله عنه - خمسين يمينًا، وقضى بالدية على أقربهما - يعني أقرب الحيين - فقالوا: والله ما وَفَتْ أيماننا أموالنا، ولا أموالنا أيماننا، فقال عمر: «حقنتم بأموالكم دماءكم» (٢).

وأجيب: بأن الأثر لا يثبت، ثم هو محتمل أن يكونوا اعترفوا بالقتل خطأ

وأنكروا العمد مثلًا، أو أن عمر - رضي الله عنه - وجد من القرينة ما يقوى شبهة المدعي.

٤ - اتفاق الأولياء في الدعوى: فإن ادعى بعضهم وأنكر بعضهم لم تثبت القسامة وهل للنساء أن يدخلن في القسامة إذا كن من أولياء المقتول؟ فيه ثلاثة أقوال (٣):

(أ) لا يستحلف النساء فإن كانوا أقل من خمسين كررت الأيمان حتى تبلغ خمسين يمينًا، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، وبه قال ربيعة والثوري والليث والأوزاعي، قالوا: لأنها حجة تثبت قتل العمد، فلا تسمع من النساء كالشهادة، ولأن الجناية المدعاة هي القتل ولا مدخل للنساء في إثباته.

قلت: وقد يحتج لهم بظاهر ما صحَّ عن سعيد بن المسيب قال: «القسامة في الدم لم تنزل عن خمسين رجلًا، فإن نقصت قسامتهم أو نكل منهم رجل واحد ردت قسامتهم ...» (٤).

(ب) يحلف النساء في قسامة الخطأ دون العمد، وهو مذهب مالك.

(جـ) تدخل النساء في القسامة إذا كن وارثات، وهو مذهب الشافعي، فلو كان للقتيل ورثة وزعت الأيمان بحسب الإرث وجبر المنكسر، ولا فرق في ذلك بين الذكور والإناث، ودليله القياس على سائر ما يستخلف فيه.


(١) صحيح: تقدم قريبًا.
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي (٨/ ١٢٣، ١٢٤).
(٣) «مختصر الطحاوي» (ص ٢٤٨)، و «الدسوقي» (٤/ ٢٩٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١١٥)، و «المغني» (١٠/ ٢٤ - مع الشرح الكبير).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ٣٢)، والبيهقي (٨/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>