للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب الشوكاني:

«بأن القسامة أصل من أصول الشريعة مستقل، لورود الدليل بها، فتخصص بها الأدلة العامة وفيها حفظ للدماء وزجر للمعتدين، ولا يحل طرح سنة خاصة لأجل سنة عامة، وعدم الحكم في حديث سهل بن أبي حثمة لا يستلزم عدم الحكم مطلقًا، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد عرض على المتخاصمين اليمين، وقال: «إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب» كما في رواية متفق عليها، وهو لا يعرض إلا ما كان شرعًا، وأما دعوى أنه قال ذلك للتلطف بهم وإنزالهم من حكم الجاهلية فباطلة، وكيف وفي حديث أبي سلمة المذكور في الباب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية؟!» اهـ (١).

شروط القسامة:

١ - دعوى القتل، فلا قسامة في غير القتل اتفاقًا، وأن يوجد قتيل فعلًا بلا شك.

٢ - أن يكون المدعي عليه معينًا: فلو كانت الدعوى على أهل بلد - مثلًا - أو على واحد غير معين لم تجب القسامة عند الجمهور (٢).

٣ - أن يكون هنا لوث: واللوث قرينة تثير الظن، وتوقع في القلب صدق المدعى، كعداوة ظاهرة بين القاتل ومن مات في أرضهم وكأن يجتمع جماعة في بيت

ثم يتفرقوا عن قتيل، أو أن يشهد عدل واحد على أن فلانًا قتله، أو أن يشهد جماعة من العبيد والنساء - متفرقين بحيث يؤمَن تواطؤهم - أن فلانًا قتله، ونحو ذلك، وهو شرط للقسامة عند الجمهور: مالك والشافعي وأحمد وبه قال ابن المنذر (٣)، واحتج لهم بما يلي:

(أ) في حديث سهل بن أبي حثمة ما يدل على وجود عداوة بين الأنصار ويهود خيبر فقد قالوا: «ما لنا عدو بخيبر إلا يهود» (٤).


(١) «نيل الأوطار» (٧/ ٤٦)، ط. دار الحديث، وانظر «المحلي» لابن حزم (١١/ ٧٦) وما بعدها ففيه بحث لا نظير له.
(٢) «ابن عابدين» (٥/ ٤٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٣٦٨)، و «الخرشي» (٨/ ٥٥)، و «المغني» (١٠/ ٤ - مع الشرح الكبير).
(٣) «البدائع» (٧/ ٢٨٦)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٠)، و «الخرشي» (٨/ ٥١)، و «المغني» (١٠/ ٧).
(٤) أخرج هذا اللفظ البيهقي (٨/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>