للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطلق غالبًا على الدية في الجناية على ما دون النفس: «الأرش» فهو أخص من الدية بهذا المعنى، وربما يطلق «الأرش» على بدل النفس، فيكون بمعنى الدية.

مشروعيتها:

الأصل في مشروعية الدية الكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: {ومن قتل مؤمنًا خطئًا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله} (١).

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا إن دية الخطأ شبه العمد - ما كان بالسوط والعصا - مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها» (٢) وثمت أحاديث أخرى في هذا الباب تأتي في موضعها.

وقد أجمع أهل العلم على وجوب الدية في الجملة، والحكمة في وجوبها: هي صون بنيان الآدمي عن الهدم، ودمه عن الهدر (٣).

لا تجب الدية إلا لمعصوم الدم: وعلى هذا اتفاق الفقهاء، فإذا كان المجني عليه مهدر الدم، كأن كان حربيًّا أو مستحق القتل حدًّا أو قصاصًا فلا تجب الدية بقتله لفقد العصمة.

وأما الإسلام فليس شرطًا لوجوب الدية لا في القاتل ولا المقتول، فتجب الدية سواء أكان القاتل أو المقتول مسلمًا أو ذميًّا أو مستأمنًا.

وكذلك لا يشترط العقل والبلوغ، فتجب الدية بقتل الصبي والمجنون اتفاقًا، كما تجب في مالهما.

الأصل في تقدير الدية شرعًا:

أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل بنفسها في الدية، فلو دُفعت الدية منها قبلت، ولم يكن للمجني عليه أو وليه المطالبة بغيرها.

ثم اختلفوا في غير الإبل، هل يكون أصلًا في الدية بنفسه، أو مقوَّمًا بالإبل، على أقوال:

الأول: الأصل في الدية: الإبل، لا غير.

وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد - وظاهر كلام الخرقى من الحنابلة - وابن المنذر وابن حزم (٤)، وحجتهم:


(١) سورة النساء: ٩٢.
(٢) حسن: تقدم في «القتل شبه العمد».
(٣) «البدائع» (٧/ ٢٥٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥).
(٤) «مغني المحتاج» (٤/ ٥٥)، و «المغني» (٧/ ٧٥٩)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٨)، و «المحلي» (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>