للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجحف به، فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل والإعانة له تخفيفًا (١).

وهل يدخل القاتل في تحمل الدية مع العاقلة؟

ذهب الحنفية والمالكية إلى أن الجاني يتحمل الدية مع العاقلة فيكون كأحدهم لأن الوجوب عليهم باعتبار النصرة، ولا شك أنه ينصر نفسه كما ينصر غيره، ولأنهم تحملوا جنايته فكان هو أحق بالتحمل.

وقال الشافعية والحنابلة: لا يتحمل الجاني مع العاقلة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضي بالدية على العاقلة ولم يكن الجاني من ضمنها. قلت: ولعل هذا أرجح لأن الأصل حرمة مال المسلم إلا بنص، وهذا مذهب ابن حزم.

أداء الدِّية مؤجلة: قال الترمذي - رحمه الله -: وقد أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث الدية. اهـ.

وقد قضي عمر وعليٌّ وابن عباس - رضي الله عنهما - بجعل دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة، فاتبعهم على ذلك أهل العلم، إلا أن أصحاب المذاهب الفقهية فهموا من هذا وجوب هذا التأجيل

(!!) (٢) وكل ما يمكن فهمه من قضاء الصحابة ومن نقل الإجماع أنه يشرع للعاقلة تأدية الدية مؤجلة في ثلاث سنين تخفيفًا عليهم، وهذا حيث تكون المشقة، فإن كانوا مياسر ولا ضرر عليهم في التعجيل فإنها تؤخذ حالًا، فالتأجيل إذن ليس بواجب بل تعجل وتؤجل بحسب الحال والمصلحة كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله (٣).

صفة الدية إذا كانت من الإبل (٤):

«إذا كانت الدية من الإبل فإنها تؤدي في القتل الخطأ أخماسًا عند الأئمة


(١) «كشاف القناع» للبيهقي (٦/ ٦).
(٢) «البدائع» (٧/ ٢٥٥)، و «المنتقي» للباجي (٧/ ٦٩)، و «روضة الطالبين» (٩/ ٣٥٩)، و «المغني» (٧/ ٧٦٩).
(٣) «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٥٦)، وهذا قول عند الحنابلة، وإن كان جماهيرهم على خلافه، انظر «الإنصاف» (١٠/ ١٢٩).
(٤) «البدائع» (٧/ ٢٥٤)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٦٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥٤)، و «المغني» (٧/ ٧٧)، و «الإنصاف» (١٠/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>