للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسكين الفقير من الجانبين، من جانب التاجر الأول ومن صاحب الدكان، فصاحب الدكان أخذ منه مائة ريال، والتاجر أخذ مائتين زائدًا على الألف، وهذه سماها شيخ الإسلام - رحمه الله - الحيلة الثلاثية، لأنها مكونة من ثلاثة أشخاص، ومسائل الربا لا تحل بالحيل (١). انتهى.

قلت (فؤاد): ومن مسائل العينة في عصرنا أيضًا ما يسميه بعض التجار "الحرق" أي حرق السلعة بمعنى أنه يبيع مثلًا الثلاجة للمشترى بمبلغ ١٥٠٠ جنيه مؤجلًا على أقساط، ويشتريها منه نقدًا بمبلغ ١٠٠٠ جنيه.

• ومنهم من يقوم ببناء البيت لشخص ما فيتكلف عليه عشرون ألفًا، ويبدأ يقبض من صاحب البيت مؤجلًا ثلاثين ألفًا، أو يعمل له عمرة للسيارة وغير ذلك من الحيل الربوبية، فانتهوا أيها المرابون حتى لا تصيبكم حرب الله تعالى، واعلم أن رزقك الذي كتب لك سوف يأتيك فاطلبه بالحلال ولا تستعجل فتطلبه بالحرام، ولو صبرت لجاءك بالحلال.

• قال الشيخ ابن العثيمين - رحمه الله -:

واعلم: أنه كلما احتال الإنسان على محرم لم يزدد إلا خبثًا، فالمحرم خبيث، فإذا احتلت عليه صار أخبث، لأنك جمعت بين حقيقة المحرم وبين خداع الرب عَزَّ وَجَلَّ، والله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية "وإنما الأعمال بالنيات" (٢) ولولا الزيادة الربوية ما عرفت هذا الرجل، والعجيب أن الشيطان يغر ابن آدم فيقول: نحن نفعل هذا رحمة بالفقير من أجل أن تتيسر أحواله، ولولا هذا ما تيسرت، لكن أقول لكم كلما كان أفقر صارت الزيادة عليه أكثر، فهذه نقمة وليست رحمة، فمثلًا: يأتى إنسان متوسط الحال يستدين من هذا الرجل فيبيع عليه ما يساوى ألفًا بألف ومائتين، ويأتى إنسان آخر يستدين من أجل أن يأكل هو وأهله فيبيع عليه ما يساوى ألفًا بألف وخمسمائة، فيقول: لأن هذا لا يفى، ومتى يفى؟ فأين الرحمة؟ ولو كان غرضه الرحمة بالفقير لكان هذا الثاني أولى بالرحمة من الأول المتوسط الحال، لكن الشيطان يلعب على ابن آدم (٣). انتهى.


(١) الشرح الممتع (٨/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٢) أخرجه البخاري، ومسلم وغيرهما.
(٣) الشرح الممتع (٨/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>