للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل: حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم" فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شىء" (١) فاشترط النبى - صلى الله عليه وسلم - شرطين:

الشرط الأول: أن تأخذها بسعر يومها.

الشرط الثاني: أن لا يتفرقا وبينهما شىء.

فالعلة في الشرط الأول: إذ إنه إذا أخذها بأكثر فقد ربح فيما لم يدخل في ضمانه.

وقد نهى النبى - صلى الله عليه وسلم -: "عن ربح ما لم يضمن" (٢).

مثاله: الدينار يساوى عشرة فقال: أنا آخذ منك: بأحد عشر فهذا لا يجوز، لأن الذي أخذ بأحد عشر بدل الدينار ربح درهمًا فربح في شىء لم يدخل في ضمانه، لأن الدنانير في ضمان من هو في ذمته، ولم يدخل عليه إلى الآن.

والمعنى: أن ربح ما لم يضمن: هو أن يبيعه سلعة قد اشتراها ولم يكن قبضها نهى من ضمان البائع الأول ليس من ضمانه فهذا لا يجوز بيعه حتى يقبضه فيكون في ضمانه.

أما العلة في الشرط الثاني: لأنه سيأخذ عن الدنانير دراهم وبيع الدنانير بالدراهم لابد فيها من القبض في مجلس العقد، وحينئذ لو لم يقبض لبطل العقد، كما لو باع دنانير بدراهم ولم يقبض فإنه يبطل العقد (٣).

والخلاصة: أن الأصل عدم جواز بيع الدين في الصرف، لأنه يؤدى إلى الربا.

وأما في غير الصرف والسلم فبيع الدين إذا كان من المدين نفسه فجائز في أكثر صوره لحصول القبض من قبل، وإذا كان لغير المدين فإن كان بثمن عين فيجوز في أكثر صوره، بشرط كون الدين مستقرًا، وكون المدين مليا ومقرا، لإمكان التسليم والقبض، وعدم الغرر والضرر، وأما بيع الدين لغير المدين بالدين


(١) حسن: أخرجه أحمد (٢/ ٨٣) وأبو داود (٣٣٥٤) وغيرهما.
(٢) صحيح: أخرجه أحمد (٢/ ١٧٤) وأبو داود (٣٥٠٤) وغيرهما.
(٣) راجع الشرح الممتع (٨/ ٤٣٢ - ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>