للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه، يمكن القول بأنه يوجد بين التأجيل والتقسيط علاقة عموم وخصوص مطلق، ففى كل تقسيط تأجيل، فالتأجيل هو العموم المطلق، وقد يكون في التأجيل تقسيط وقد لا يكون. فالتقسيط أخص من التأجيل (١).

المبحث الثاني: صورة المسألة:

أن بيع التقسيط يحقق مصلحة تعود على كل من البائع والمشترى، إذ تتمثل مصلحة البائع في تيسير السبل وفتح الأبواب لنفاق (*) سلعته وواجبها، أما المشترى فتظهر مصلحته في حصوله على السلعة التي تمس حاجته إليها, ولا يملك ثمنها في الحال، بأن يدفع ذلك الثمن مؤجلًا على دفعات تتناسب وقدراته المالية، علاوة على ما يعطيه الأجل من فرصة لإنماء المال أو كسبه فيدفع الثمن دون عنت أو إرهاق.

وعلى هذا، فصورة بيع التقسيط -والذي أخذ طابعًا من الشيوع والانتشار في عصرنا -تتم بأن يقصد المستهلك- لاسيما صاحب الدخل المحدود، والذي يحتاج إلى سلعة تسد حاجة من حاجاته أو توفر له أسباب العيش الكريم، أو تجلب له الكسب والنماء أحيانًا من غسالة أو ثلاجة أو سيارة وغير ذلك من الأدوات والآلات الكهربائية والميكانيكية والأثاث -يقصد- التاجر الذي يبيع هذه المواد بالتقسيط فيخبره بثمنها إذا أراد أن يدفع حالًا وثمنها إذا أراد أن يدفع مقسطًا، وهو طبيعة الحال أعلى من الثمن الحال، فإذا ما اختار المشترى الثمن المؤجل المقسط وتم الاتفاق على ذلك كانت تلك صورة بيع التقسيط الذي نحن بصدد الحديث عنه.

المبحث الثالث: مظان مسألة البيع بالتقسيط وأصولها:

لم يكن اصطلاح البيع بالتقسيط معروفًا عند علماء الشريعة والفقه الإسلامى قبل القرن الحالى، حيث عرف وشاع هذا النوع من البيع، ومن البديهى والأمر كذلك أن لا يكون للمصطلح وجود في كتب الحديث النبوى وهي إحدى المصادر الرئيسية التى يستقى منها الفقه أحكامه.

ولما كان الأمر كذلك، اقتضى أن نبين المواطن وأن نشير إلى المظان التي فيها جذور هذه المسألة وأصولها في مصادر الحديث والفقه.


(١) "درر الحكام" (٢/ ١١١).
(*) "المجلة: نَفَق البيع ينفق بالضم نفقًا، راج".

<<  <  ج: ص:  >  >>