للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا المعنى علله فقهاء الشيعة (١) والأباضية (٢) وصاحب الروضة الندية (٣) وصاحب كتاب "المعاملات في الإسلام" (٤)، و"منهاج المسلم" (٥).

وفي ضوء ما ذكرنا من أقوال علماء المذاهب الفقهية المختلفة في تقصى علة عدم جواز البيعتين وما إليها، ظهر لنا بكل جلاء أن العلة عندهم -على تفاوت عباراتهم- لا تخرج عن جهل الثمن الذي تم العقد عليه، أو سد ذريعة الربا كما عند المالكية.

وعليه، فإذا ارتفعت هذه العلة من بيع التقسيط بحيث يذكر البائع للمشترى ثمنين: أحدهما عاجل والآخر آجل أكثر منه، فيختار المشترى واحدًا منهما بعينه قبل التفرق من مجلس العقد فإن هذا البيع يكون جائزًا شرعًا.

المطلب الرابع: حكم البيعتين فى بيعة:

لقد ذهب جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين إلى أن بيعتين في بيعة باطل أو فاسد (٦) ولم يشذ عن القول ببطلانه إلا نفر من الفقهاء كطاوس والحكم وحماد، وقد نقلنا عن غير واحد من العلماء قوله أن كلامهم


(١) "شرائع الإسلام فى مسائل الحلال والحرام"، لأبى بكر القاسم نجم الدين الشيعى الجعفرى ت ٦٧٦ هـ/ ٢٦، القسم الثاني، في العقود، الفصل الرابع، شرح الأزهار (٣/ ٨٣، ٨٤).
(٢) "الإيضاح" (٣/ ٧٠ - ٧٢)، "البيان الشافى في البرهان الكافي" (١/ ٣٨٧).
(٣) "الروضة الندية شرح الدرر البهية" لأبى الطيب صديق بن حسن بن علي الحسينى التنوجى (٢/ ١٠٥): دار المعرفة، بيروت.
(٤) "إن الدين عند الله الإسلام"، المعاملات في الإسلام، أحمد عبد الجواد (٣/ ٤١)، مطبعة محمد هاشم الكتبى، دمشق.
(٥) "منهاج المسلم" لأبى بكر الجزائرى (٣٢٠)، الطبعة الثامنة، ١٣٩٦ هـ، ١٩٧٦ م: دار الفكر، بيروت.
(٦) البيع الباطل هو ما كان غير مشروع لا بأصله ولا بوصفه، والفاسد ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه. ويكون البيع باطلًا إذا أورث خللًا في ركن البيع، ويكون فاسدًا إذا أورثه في غيره كالتسليم والتسلم الواجبين به، والانتفاع المقصود منه، وعدم الإطلاق عن شرط لا يقتضيه وغير ذلك، والباطل لا يفيد ملك الرقبة ولا ملك التصرف، ولا ينقلب صحيحًا بحال، أما الفاسد فلا يفيد ملك الرقبة ولكنه يفيد ملك التصوف قبل فسخ العقد، فهو وإن أفاد الملك وهو مقصود في الجملة، لكنه لا يفيد تمامه، إذ لم ينقطع به حق البائع من البيع، ولا المشتري من الثمن، فلكل منهما حق الفسخ، ولكنه ينقلب صحيحًا بالقبض وبتعيين المدة أو الثمن، فالفاسد إذن تلحقه الإجازة بحذف المفسد قبل اتصاله بالعقد.
انظر: فتح القدير، والعناية على الهداية (٦/ ٤٠١، ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>