للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمول على ما إذا جرى بين المتعاقدين بعد العقد ما يدل على الاتفاق على أحد الثمنين، فكأن المشترى قال للبائع بعد ذكر الثمنين: اخترت المعجل أو المؤجل، فقال البائع: أجزت أو رضيت، وحينئذ فلا خلاف بين الجمهور وبين هذه الطائفة من العلماء في القول بصحة العقد.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية تحت عنوان: الاعتياض عن الأجل بالمال؛ الصورة الأولى: صدور إيجاب مشتمل على صفقتين إحداهما بالنقد والأخرى بالنسيئة مثل أن يقول: بعتك هذا نقدًا بعشرة، وبالنسيئة بخمسة عشر.

يرى جمهور الفقهاء أن هذا البيع إذا صدر بهذه الصيغة لا يصح لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة، وجاء في الشرح الكبير (كذا فسره مالك والثورى وإسحاق وهذا قول أكثر أهل العلم, لأنه لم يجزم له ببيع واحد، أشبه ما لو قال: بعتك أحد هذين، ولأن الثمن مجهول فليس يصح كالبيع بالرقم المجهول) وقد روى عن طاوس والحكم وحماد أنهم قالوا: لا بأس أن يقول: أبيعك بالنقد بكذا، وبالنسيئة بكذا فيذهب إلى أحدهما فيحتمل أنه جرى بينهما بعد ما يجرى في العقد فكأن المشترى قال: أنا آخذه بالنسيئة بكذا فقال: خذه أو قال: قد رضيت ونحو ذلك فيكون عقدًا كافيًا، فيكون قولهم كقول الجمهور " ... فعلى هذا إن لم يوجد ما يدل على الإيجاب أو ما يقوم مقامه لم يصح, لأن ما مضى من القول لا يصلح أن يكون إيجابًا" (١).

ما تقدم هو حكم البيعتين في بيعة من حيث الحل والحرمة والصحة والبطلان، ولما كان هذا البيع حرامًا باطلًا كان واجب الفسخ، ولا يترتب عليه أثره، ولكن لو تفرق البائع والمشترى وقد قبض المشترى السلعة، فما هو الأثر المرتب على ذلك فيما لو هلكت العين البيعية أو استهلكت أو تغيرت؟

والجواب على هذا السؤال نجده في ثنايا حديث نبوى شريف أخرجه أبو داود في سننه -وقد مر بنا نصه وتخريجه عند التعرض للأحاديث النبوية التي تصلح مناطا لبيع التقسيط- فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكَسُهما أو الرِّبا".


(١) "الموسوعة الفقهية"، وزارة الأوقاف، الكويت (٢/ ٣٨)، الطبعة الأولى، ١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م، مطبعة الموسوعة الفقهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>