للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن العلماء من أخذ بظاهر الحديث ورتب على هذه الصورة من البيع أثرًا:

فقد روى عن الأوزاعى أنه قال وقد سئل عن معنى بيعتين في بيعة -وهو أن يقول هو نقدًا بكذا ونسيئة بكذا-: لا بأس بذلك ولكن لا يفارقه حتى يباته بأحد المعنيين. فقيل له: فإن ذهب بالسلعة على ذينك الشرطين فقال: هى بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين (١).

وروى عن محمد بن سيرين أنه قال: شرطين في بيع، أبيعك إلى شهر بعشرة، فإن حبسته شهرًا فتأخذ بعشرة قال شريح: أقل الثمنين وأبعد الأجلين أو الربا (٢).

وبه قال طاوس: فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه قال: أخبرنا معمر وابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه: إذا قال بكذا إلى كذا وكذا، وبكذا وكذا إلى كذا وكذا فوقع البيع على هذا فهو بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين (٣).

ومن جهة أخرى، فقد قال الإمام الذهبي إن محمد بن عمرو -راوى الحديث- شيخ مشهور، أخرج له الشيخان متابعة، وقد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس (٤).

وقد أجاب جمهور العلماء عن الحديث الذي استدل به القائلون بأنه إذا تم البيع بصورة بيعتين في بيعة أن للبائع أقل الثمنين إلى أبعد الأجلين بأجوبة منها:

١ - أن في صحة الحديث مقالًا، قال المنذرى: في إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وقد تكلم فيه غير واحد، والمشهور من رواية الدراوردى ومحمد بن عبد الله الأنصارى "أن النبى - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة" (٥).

٢ - أن الحديث على فرض صحته فعنه أجوبة منها:

(أ) يجاب عما قاله الأوزاعى بما قاله الخطابى وغيره: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهر هذا الحديث أو صحيح البيع بأوكس الثمنين إلا شىء يحكى


(١) "معالم السنن" (٣/ ١٢٣)، "بذل المجهود" (١٥/ ١٣٥)، "اختلاف الفقهاء" (٣٢)، "سنن أبى داود" (٣/ ٥٣٣).
(٢) "المحلى" (٩/ ٦٢٨).
(٣) "مصنف عبد الرزاق" (٨/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٤) "معالم السنن" (٣/ ١٢٣).
(٥) "نيل الأوطار" (٥/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>