للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الأوزاعى. وهو مذهب فاسد، وذلك لما يتضمنه هذا العقد من الغرر والجهل" (١).

وأما قول شريح فيجاب عنه بأنه محمول على معنى آخر ذكره ابن حزم فقال: فإن حبسته شهرًا آخر فتأخذ عشرة أخرى (٢).

(ب) ما ذكره الخطابى وغيره: أن ما رواه يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو على الوجه الذي ذكره أبو داود يشبه -يحتمل- أن يكون ذلك في حكومة في شىء بعينه: كأنه أسلفه دينارًا في قفيزين إلى شهر فلما حل الأجل وطالبه بالبر قال له: بعنى القفيز الذي لك على بقفيزين إلى شهرين، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول فصار بيعتين في بيعة فيردان إلى أوكسهما -أقلهما- وهو الأصل، فإن تبايعا البيع الثاني قبل أن يتقابضا -قبل فسخ البيع الأول- كانا مربيين (٣).

فهذا القول يفيد أن الربا هو من باب بيع الدين بالدين، لأن البائع باع المشترى الدَّين الذي له عليه بثمن أكثر وهو منهى عنه، لأنه من باب بيع "الكالئ بالكالئ" وقد نهى عنه - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من الربا.

(جـ) أن الحديث من باب بيع الدين بالدين كما يفهم من قول ابن الأثير في النهاية حيث فسر الحديث بقوله: أن يستلف الرجل من الرجل مالًا فيعطيه سلعة إلى أجل، فإذا حل الأجل وطالب بالوفاء قال: بعنى تلك السلعة إلى أجل آخر وأزيدك، ولا يجرى بينهما تقابض، فصار بذلك بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا، وهذا هو بيع الدَّين بالدَّين، كأنه أسلفه دينارًا في صاع بر مثلًا إلى شهر فلما حل الأجل وطالبه بالبر قال له بعنى الصاع بصاعين إلى شهرين فهذا بيع ثان ودخل في الأول فصار بيعتين في بيعة فيرد إلى أقلهما وهو الصاع، وإلا كان الثاني ربا للتفاضل، أو كأنه باعه دينًا بدين وهو الكالئ بالكالئ المنهى عنه (٤).

(د) أن الحديث محمول على ما إذا استهلك المشترى للبيع كله أو بعضه:

ففى بذل المجهود: وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه -


(١) "معالم السنن" (٣/ ١٢٢)، "بذل المجهود" (١٥/ ١٣٤)، "عون المعبود" (٩/ ٣٢٢).
(٢) "المحلى" (٩/ ٦٢٩).
(٣) "معالم السنن" (٣/ ١٢٢)، "بذل المجهود" (١٥/ ١٣٥)، "المجموع" (٩/ ٣٧٢).
(٤) "التاج الجامع للأصول" (٢/ ٢٠٦)، "المعاملات في الإسلام" (٣/ ٤٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ت ٦٠٦ هـ (٥/ ٢١٩)، تحقيق: محمد محمد طناجى، الناشر: المكتبة الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>