للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتابع قائلًا: "ولا شك عندي في أن هذا هو روح الشريعة الإسلامية، وهو الغاية من تحريم الربا في الإسلام، لأن الزيادة في الثمن هى مقابل الأجل في التقسيط أى مقابل استغلال حاجة المشترى الضعيف بينما الإسلام دين الرحمة والإخاء والتعاون، يقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (١).

وإذا لم يتعادل سعر النقد والتقسيط فقد ذهبت عدالة التوزيع ... ولم يستطع ذو الدخل الصغير أن ينال حظه من الرفاهية ... " (٢).

٤ - القياس على إنقاص الدين عن المدين مقابل تعجيل الدفع، إذ لا فرق بين إنقاص الثمن مقابل إنقاص المدة، وبين زيادة الثمن مقابل زيادة المدة، أولًا فرق بين أن نقول سدد الدين أو نزد في نظير الأجل، وأن تبيع بزيادة في الثمن لأجل التأجيل، فالمعنى فيهما أن الأجل له عوض وهو بمعنى الربا (٣).

وبيان ذلك كما قاله أبو بكر الجصاص "أنه لو كان لرجل على آخر ألف درهم دين مؤجلة فصالحه منها على خمسمائة حالة فلا يجوز، لما روى عن ابن عمر أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدَّين إلى أجل فيقول له: عجل لي وأضع عنك فقال: هو ربا. وروى عن زيد بن ثابت أيضًا النهى عن ذلك، وهو قول سعيد بن جبير والشعبى والحكم، وقول أصحابنا وعامة الفقهاء. ومما يدل على بطلانه تسمية ابن عمر إياه ربا، وأسماء الشرع توقيف. ولأنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضًا مؤجلًا بزيادة مشروطة فكانت الزيادة بدلًا من الأجل فأبطله الله وحرمه وقال: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (٤).

وقال: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٥)، حظر أن يؤخذ للأجل عوض، فإذا كانت عليه ألف درهم مؤجلة فوضع عنه على أن يعجله، فإنما جعل الحط مقابل الأجل فكان هذا هو معنى الربا الذي نص الله على تحريمه.

ولا خلاف أنه لو كان له عليه ألف درهم حالة فقال له: أجلنى وأزيدك فيها مائة درهم لا يجوز، لأن المائة عوض عن الأجل، كذلك الحط في معنى الزيادة،


(١) سورة البقرة: ٢٨٠.
(٢) "مقدمات الاقتصاد" (١٠٨، ١٠٩).
(٣) "بحوث في الربا" (٤٨)، "الإمام زيد" (٢٩٣).
(٤) سورة البقرة: ٢٧٩.
(٥) سورة البقرة: ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>