للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وبيع التقسيط من بيع المضطر، لأنه لا يقبل بالزيادة لأجل المدة إلا المضطر في الغالب. ويؤيد هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما البيع عن تراض" (١) وهو يفيد أن البيع الجائز شرعًا ما توفر فيه عنصر الرضا من التعاقدين بإجراء العقد، ولا رضا مع الاضطرار والإكراه فيكون البيع باطلًا. وعليه، فالبائع بأجل والمشترى إلى أجل كلاهما مضطر للبيع ولا يصدق عليهما قوله سبحانه {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما البيع عن تراض".

أما من المعقول فاستدلوا بأمور منها:

أن الزيادة في الثمن المؤجل هى من باب الربا واستدلوا لقولهم هذا بما يأتى:

١ - أن الزيادة في الثمن هى في نظير الأجل والتأخير، إذ لم يقابلها إلا المدة والتنفيس بالأجل فقط، ومتى كانت الزيادة كذلك فهي زيادة من غير عوض، فتنطبق عليها كلمة (الربا)، وتتناولها أدلة تحريم الربا وتندرج تحتها (٢).

٢ - أن القول ببطلان البيع بأكثر من الثمن إلى أجله خشية أن يكون ذريعة إلى الربا، فيكون بمنزلة جارية نقدًا وعشرة دنانير إلى شهرين بعشرين دينار إلى شهرين (٣).

٣ - أن الزيادة مقابل الأجل هى من باب الشرطين في بيع وسلف وبيع: وصفة الشرطين في بيع كما تقدمت: أن يقول المبيع بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا وذلك غير جائز. والبيع مع السلف أن يبيع منه شيئًا ليقرضه أو يؤجله أو الثمن ليعطيه على ذلك ربحًا.

يقول د. عبد السميع المصرى بعد أن نقل التفسيرين المتقدمين عن المبسوط "وظاهر مما تقدم عن صاحب المبسوط أن العلة في عدم الجواز في الصورتين عند الأحناف -الحنفية- هى الربا، لأنه في الصورة الأولى جعل الأجل في الثمن مقابلًا بالزيادة فيه صراحة فهي زيادة في الدَّين بغير عوض، وهي معنى الربا. وفي الصورة الثانية يحتال على الربا في القرض ببيع شيئًا مع المحاباة في ثمنه بمقابل القرض" (٤).


(١) صحيح: أخرجه ابن ماجة في سننه (٢١٨٥)، وسنن البيهقى (٦/ ١٧).
(٢) "شرح الأزهار" (٣/ ٧٤)، "بحوث في الربا" (٤٨)، "الإمام زيد" (٢٩٣، ٢٩٤).
(٣) الحجة.
(٤) "مقدمات الاقتصاد الإسلامى" (١٠٨)، عن كتاب "نظرية الربا المحرم في الشريعة الإسلامية"، لإبراهيم زكى الدين بدوى (٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>