للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد جعلت الآية الرضا شرطًا لحل الكسب والربح في المبادلات التجارية، وإلا كان ذلك الكسب حرامًا وأكلًا لأموال الناس بالباطل، وعامل الرضا غير متوفر في البيع بالتقسيط, لأن البائع مضطر للإقدام عليه ترويجًا للسلعة، والمشترى مضطر له رغبة في الحصول على السلعة التي تمس حاجته إليها ولا يملك ثمنها حالًا، فيرغم على دفع الزيادة مقابل الأجل (١).

أما من السنة النبوية فاستدلوا بأحاديث منها:

نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه - عن صفقتين في صفقة وقد مر معنا ما رواه أحمد عن سماك في تفسير الحديث بقوله: هو الرجل يبيع الرجل فيقول: هو بنساء كذا، وهو بنقد بكذا وكذا.

وقد علق الشوكانى على ذلك بقوله: وفي هذا التفسير متمسك لمن قال "يحرم بيع الشىء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء" (٢).

كما استدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -، من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا، وهذا يعني أن من باع يأخذ زيادة مقابل الأجل يكون قد دخل في الربا المحرم إذا لم يأخذ الثمن الأقل.

وهذا يفيد أنه لا يجوز للبائع أن يبيع سلعته بأكثر من سعر يومها تجنبًا للوقوع في ربا النسيئة (٣).

قال صاحب الروضة الندية: فالحديثان -حديث ابن مسعود وحديث أبى هريرة- قد دلا على أن الزيادة لأجل النساء ممنوعة، ولهذا قال: فله أوكسهما أو الربا "والأعيان التي هى غير ربوية داخلة في عموم الحديثين" (٤).

واستدلوا كذلك بما أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن عيسى بن هشيم عن صالح بن عامر -كذا قال محمد- قال: حدثنا شيخ من بني تميم قال: خطبنا على أو قال: قال على: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع الثمرة قبل أن تدرك (٥).


(١) "الإمام زيد" محمد أبو زهرة، (٢٩٤)، دار الفكر العربى: أبرز صور البيوع الفاسدة، د. محمد وفاء (٤٨): مطبعة السعادة، ١٤٠٤ هـ، ١٩٨٤ م.
(٢) "نيل الأوطار" (٥/ ١٧٣).
(٣) أبرز صور البيوع الفاسدة (٣٧).
(٤) "الروضة الندية" (٢/ ١٠٦).
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>