للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله عَزَّ وَجَلَّ {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} فالزيادة في الثمن مقابل الأجل داخله في عموم النص، إذ إن أعمال التجارة تنبنى على البيع نسيئة، ولابد أن تكون لهم ثمرة، وتلك الثمرة داخلة في باب التجارة وليست داخلة في باب الربا. فالثمن في البيع الآجل هو للسلعة مراعى فيه الأجل، وهو من التجارة المشروعة المعرضة للربح والخسارة (١).

ومن جهة أخرى، فالرضا ثابت في هذا البيع، لأن من يفعل ذلك من التجار إنما يجعله طريقًا إلى ترويج تجارته. فهو إجابة لرغبته.

كما أن الذي تسلم العين دون دفع ثمن حاله قد تسلم العين منتفعًا بها مغلة، موضع إتجار، وهذا لا ينافى رضاه (٢).

واستدلوا كذلك بقوله عز شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (٣).

وبيع السلعة بثمن مؤجل مع الزيادة مما تنتظمه هذه الآية، لأنها من المداينات الجائزة فتكون مشروعة بنص الآية (٤).

أما من السنة النبوية والآثار:

فقد ورد فيها ما يدل على أن الشارع قد سوغ جعل المدة عوضًا عن المال، وأنه يجوز أن يختلف الثمن المؤجل عن الثمن المعجل بزيادة في المؤجل، وأن هذه الزيادة مباحة ومن ذلك:

ما روى "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يجهز جيشًا، فكان يشترى البعير بالبعيرين إلى أجل" (٥)، وهو دليل واضح على جواز أخذ زيادة على الثمن نظير الأجل.


(١)، (٢) "الإمام زيد" (٢٩٤)، "أبرز صور البيوع الفاسدة" (٥٠، ٥١)، النشرة الإعلامية للبنك الإسلامى الأردنى رقم (٣/ ٢٦).
(٣) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٤) "فتوى في مجلة البحوث الإسلامية" (ص ٢٧٠ ع ٦) ١٤٠٣ هـ وفي مجلة الاقتصاد الإسلامى للشيخ عبد العزيز بن باز ص ٤٢، العدد ١١، شوال ١٤٠٢ هـ، وفي كلمات مختارة (عقائد، أحكام، مواعظ) للشيخ عبد العزيز بن باز، جمعها عبد الله بن جار الله ص ١٣٧ رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
(٥) حسن: أخرجه أبو داود (٣٣٥٧)، وأحمد (٢/ ١٧١ و ٢١٦)، والدارقطنى (٣/ ٦٩، ٧٠)، وقال الحافظ في "الفتح" (٤/ ٤٨٩) إسناده قوى. وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط في المسند، طبعة الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>