للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإجماع يدل على أن البيع بالتقسيط لا بأس به، فالمسلمون لا يزالون يستعملون مثل هذه المعاملة، وهو كالإجماع منهم على جوازها (١).

كما أن العرف قد جرى على أن النقد الحال أعلى قيمة من النقد المؤجل، وطالما أن العقد ابتداء لم ينص على سعرين فهو حلال (٢).

أما عن القياس والمعقول فاستدلوا بما يأتي:

• أن البيع إلى أجل مع زيادة الثمن هو بيع بثمن معلوم من المتبايعين بتراضيهما فوجب الحكم بصحة البيع كالبيع بثمن حال (٣).

• القياس على السلم: فالبيع إلى أجل من جنس بيع السلم، وذلك أن البائع في السلم يبيع في ذمته حبوبًا أو غيرها مما يصح السلم فيه بثمن حاضر أقل من الثمن الذي يباع به في وقت السلم فيكون المسلم فيه مؤجلًا والثمن معجلًا، فهو عكس مسألة البيع بالتقسيط، وهو جائز بالإجماع، والحاجة إليه ماسة كالحاجة إلى السلم، والزيادة في السلم مثل الزيادة في البيع إلى أجل سببها فيهما تأخير تسليم المبيع في مسألة السلم، وتأخير تسليم الثمن في البيع إلى أجل (٤).

• القياس على بيع المرابحة: فإذا كان الأجل معلومًا في البيع بأجل صح البيع ولا شىء فيه لأنه من قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعا التي يجوز فيها إشتراط الزيادة في السعر في مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلا أنه في باب المرابحة احتراز عن شبهة الخيانة، بشرط أن لا تكون الزيادة فاحشة، وإلا كانت أكلًا لأموال الناس بالباطل (٥).

• لأن للأجل حصة من الثمن: ولهذا تزاد قيمة ما يباع بثمن مؤجل على ما يباع بثمن حال. فما دام البائع قد حدد الثمن وعينه لمن يشترى بثمن حال، وحدد الثمن وعينه لمن يشترى بثمن مؤجل، وقد اختار المشترى الشراء بأحد الثمنين، فالبيع صحيح شرعًا, ولا شبهة للربا فيه.


(١) "مجموع الفتاوى" ابن تيمية (٢٩/ ٤٩٩)، "مجلة الاقتصاد الإِسلامى" ع ١١، شوال ١٤٠٢ هـ، بحوث في الربا، ٤٨.
(٢) علي الخفيف نقلًا عن مقومات الاقتصاد الإِسلامى (١٠٧).
(٣) "هوامش شرح الأزهار" (٤/ ٨٣).
(٤) "مجلة الاقتصاد الإِسلامي"، فتوى الشيخ ابن باز (٤٣).
(٥) "يسألونك في الدين والحياة" أحمد الشرباصى، المجلد الخامس ص ١٤٧، الطبعة ١١، دار الجيل، بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>